قوله:{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} مُبْتَدأ وَخَبَر، وهذه الجُمْلَة لا مَحَلَّ لها؛ لأنها مُسْتَأنفة، سيقَتْ تعليلاً للنَّهْي المتقدِّم.
وزعم الحوفيّ أنها في محلِّ نصب نعتاً ل «أَولياء» ، والأوَّل هو الظّاهر، والضَّمير في «بَعْضِهِم» يعود على اليهُود والنَّصارى على سَبِيل الإجْمَالِ، والقرينة تبين أن بعض اليهود أولياء بعض، وأن بعض النصارى أولياء بعض [وبهذا التقرير لا يحتاج كما زعم بعضهم إلى تقدير محذوف يصح به المعنى، وهو: بعض اليهود أولياء بعض، وبعض النصارى أولياء بعض] .
قال: لأن اليهود لا يتَوَلَّوْنَ النصارى، والنصارى لا يتولَّوْن اليهود، وقد تقدم جوابه.
قوله تعالى:{وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ} فيوافقُهُم ويُعينُهم، «فإنَّهُ مِنْهُم» قال ابن عبَّاس - رضي الله تعالى عنهما -: يعني كانوا مِثْلَهُم فهذا تَغْلِيظٌ من الله وتشديدٌ في [وجوب] مجانبة المُخالِفِ في الدِّين، ونَظِيره قوله تعالى:{وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}[البقرة: ٢٤٩] ، وهذه الآية تدلُّ على مَنْع إثْبَات المِيرَاث للمُسْلِم من المرتَدِّ.
ثم قال تعالى:{إِنَّ الله لَا يَهْدِي القوم الظالمين} رُوِي عن أبي مُوسى الأشْعَري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - أنَّه قال: قُلْتُ لعمر بن الخَطّاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - إن [لي كاتباً] نَصْرانياً.
قال: مَا لَكَ قاتلَك اللَّه؟ ألا اتَّخْذَت حَنِيفاً، أما سَمِعْت قول الله - تعالى -: {ياأيها الذين آمَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} .
قلت: لَهُ دينُهُ ولي كِتَابتُه قال: لا أكرمُهم إذ أهَانَهُم الله، ولا أعزُّهُم إذ أذَلَّهُم، ولا أدْنِيهِمْ إذ أبْعدَهَمُ الله.
قلت: لا يَتِمُّ النُّصْرة إلَاّ به، فقال: مَاتَ النَّصْرَانِيُّ والسَّلام، يعني: هَبْ أنَّهُ مات فَمَا تَصْنَعَ بَعْدَهُ، فما تعمله بعد موْتِهِ فاعْمَلْهُ الآنَ، واستعن عنهُ بِغيْرِه.