للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الزَّمَخْشَري: «وهي في الإمَام - يعني رسم المُصْحَفِ - كذلك» ، ولم يتبين ذلك، ونَقَل غَيْرُهُ أنَّ كل قَارِئ وافَق مُصْحَفَه، فإنَّها في مَصَاحِف «الشَّام» و «المدينة» : «يَرْتَدِدْ» بدالين، وفي البَاقِية: «يَرْتَدَّ» ، وقد تقدَّم أنَّ الإدغام لغة «تمِيم» ، والإظهَار لغة «الحِجاز» ، وأن وجه الإظْهَار سكون الثَّانِي جَزْماً أو وَقْفاً، ولا يُدْغَمُ إلا في مُتَحَرِّك، وأنَّ وجه الإدْغَام تحْرِيك هذا السَّاكن في بَعْضِ الأحْوَال نحو: رُدَّا، ورُدُّوا، ورُدِّي، ولم يَرُدَّا، ولم يَرُدُّوا، واردُدِ القوم، ثم حُمِل «لم يَرُدَّ» ، و «رُدَّ» على ذلك، فَكَأنَّ التَميميّين اعتبروا هذه الحركة العارضة، والحِجازيِّين لم يَعْتَبِرُوها.

و «مِنْكُم» في محلِّ نصب على الحال من فاعل «يَرْتَدّ» ، و «عَنْ دينهِ» متعلِّق ب «يَرْتدَّ» .

قوله: «يحبُّهم» في محلِّ جر؛ لأنها صفةٌ ل «قَوْم» ، و «يُحِبُّونه» فيه وجهان:

أظهرهما: أنه معطوف على ما قَبْلَهُ، فيكُون في محلِّ جرِّ أيضاً، فوصفهم بِصفتين: وصفهم بكونه تعالى يُحِبُّهم، وبكوْنِهِم يُحِبُّونَه.

والثاني: أجازه أبُو البقاءِ أن يكُون في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ من الضَّمِير المنصُوب في «يُحِبُّهم» ، قال: تقديره: «وهُمْ يُحِبُّونَهُ» .

قال شهاب الدِّين: وإنما قدَّر أبُو البقاءِ لفظة «هُمْ» ليخرج بذلك من إشْكال، وهو أنَّ المُضارع المُثْبَت متى وَقَعَ حالاً، وجبَ تجرُّدُه من «الواو» نحو: «قُمْتُ أضْحَكُ» ولا يجوز: «وأضْحَكُ» وإن وَرَدَ شيءٌ أوِّلَ بما ذَكَرَهُ أبُو البقاء، كقولهم: «قُمْتُ وأصُكُّ عَيْنَه» .

وقوله: [المتقارب]

١٩٨٤ - ... ... ... ... ... ... ... نَجَوْتُ وَأرْهَنُهُمْ مَالِكَا

أي: وأنَا أصُكُّ، وأنا أرهَنُهم، فتؤوَّل الجملة إلى جُمْلة اسميَّة، فيصحُّ اقترانها بالواو، ولكن لا ضَرُورةَ في الآيَة الكريمَة تدعو إلى ذلك حتَّى يُرْتَكَب، فهو قولٌ مَرْجُوحٌ.

وقدمت محبَّة الله - تعالى - على مَحبتهم لشرفِها وسَبْقِهَا؛ إذ مَحَبَّتُهُ - تعالى - لهم عِبَارة عن إلْهامهم فِعْلَ الطَّاعةِ، وإثابته إيَّاهُم عليها.

فصل

روى الزَّمخشري: أنَّه كان أهْلُ الرِّدَّة إحدى عشرة فرقة في عهد رَسُول الله -

<<  <  ج: ص:  >  >>