وقد تقدّم إعْرَابُ هذا في نحو قوله تعالى:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حَيَاةٍ}[البقرة: ٩٦] ، فأغْنَى عن إعادته وقال ابنُ عطيَّة:«اللامُ للابْتداءِ» ، وليس بشيء، بل هي لامٌ يُتلَقَّى بها القسمُ، و «أشدَّ النَّاسِ» مفعولٌ أوَّل، و «عَدَاوَةً» نصب على التمييز، و «لِلَّذِينَ» متعلِّقٌ بها، قَوِيَتْ باللامِ؛ لمَّا كانت فَرْعاً في العمل على الفعل، ولا يَضُرُّ كونُها مؤنثةً بالتاء؛ لأنها مبنيةٌ عليها؛ فهي كقوله:[الطويل]
ويجوزَ أن يكون «لِلَّذِينَ» صفةً ل «عَدَاوَةً» فيتعلَّقَ بمحذوف، و «اليَهُودَ» مفعولٌ ثانٍ، وقال أبو البقاء:«ويجوزُ أن يكون» اليهُودَ «هو الأولَ، و» أشَدَّ «هو الثاني» وهذا هو الظاهرُ؛ إذ المقصودُ أنْ يخبرَ الله تعالى عن اليهودِ والمشركينَ بأنَّهم أشدُّ الناسِ عداوةً للمؤمنين، وعن النصارى بأنهم أقربُ الناس موَدَّةً لهم، وليس المرادُ أنْ يخبرَ عن أشدِّ الناسِ وأقْرَبِهِمْ بكَوْنِهِم من اليهودِ والنصارى، فإنْ قيل: متى استوَيَا تعْرِيفاً وتنْكيراً، وجبَ تقديمُ المفعولِ الأول وتأخيرُ الثاني؛ كما يجب في المبتدأ والخبرِ، وهذا من ذاك، فالجوابُ: أنه إنما يجب ذلك حيث ألْبَسَ، أما إذا دَلَّ دليلٌ على ذلك، جاز التقديمُ والتأخيرُ؛ ومنه قول:[الطويل]