فالتشديدُ فيها خطأٌ، واسمُ الفاعِلِ منه طَمِعٌ ك «فَرِحٍ» و «أشرٍ» ، ولم يَحْكِ أبو حيان غيرَه، وحكى الراغب: طَمِعٌ وطَامِعٌ، وينبغي أن يكون ذلك باعتبارين؛ كقولهم «فَرِحٌ» لمن شأنه ذلك، و «فَارِحٌ» لمن تجدَّد له فَرَحٌ.
قوله:«أنْ يُدْخِلَنَا» ، أي:«في أنْ» فمحلُّها نصبٌ أو جرٌّ؛ على ما تقدَّم غير مرة. و «مَعَ» على بابها من المصاحبة، وقيل: هي بمعنى «في» ولا حاجة إليه؛ لاستقلال المعنى مع بقاءِ الكلمة على موضوعها.
والمراد: يدْخِلُنَا ربُّنَا مع القَوم الصَّالحِيِنَ جَنَّتَهُ، ودارَ رِضوانه قال - تعالى -: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ}[الحج: ٥٩] ، إلا أنه حَسُنَ الحَذْف لِكَوْنه مَعْلُوماً.
قوله تعالى:{فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ}[المائدة: ٨٥] .
وقرأ الحسن:«فآتاهُمُ اللَّهُ» : من آتاه كذا، أي: أعطاهُ، والقراءةُ الشهيرةُ أوْلَى؛ لأنَّ الإثابةَ فيها مَنْبَهَةٌ على أنَّ ذلك لأجْلِ عملٍ؛ بخلاف الإيتاء؛ فإنه يكونُ على عملٍ وعلى غيره، وقوله تعالى:«جَنَّاتٍ» مفعولٌ ثانٍ ل «أثَابَهُمْ» ، أو ل «آتاهُمْ» على حسب القراءتَيْنِ. و {تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} في محلِّ نصبٍ صفةً ل «جَنَّاتٍ» . و «خَالِدِينَ» حالٌ مقدرةٌ.
فإن قيل: ظَاهِرُ الآيَةِ يَدُلُّ على أنَّهُم إنَّما اسْتَحَقُّوا ذلك الثَّوابَ بمُجَرَّدِ القوْلِ؛ لأنَّهُ - تعالى - قال:{فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ} ، وذَلِكَ غير مُمْكِن؛ لأنَّ مُجَرَّدَ القَوْلِ لا يُفيدُ الثَّوَابَ.
فالجوابُ مِنْ وجهين:
الأوَّلُ: أنَّهُ قد سَبَقَ من وَصْفِهِم مَا يدلُّ على إخلاصِهِمْ فيما قالوا وهُو المعرفَةُ، وذلك قوله - تعالى -: {مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق} ، وكُلَّما حصلتِ المعْرِفَةُ والإخْلاصُ وكمَال