وعلى هذا التقدير حصل حَيَاتان وموتتان من غير حَاجَةٍ غلى إثبات حَيَاةٍ في القبر، فالجواب لم يلزم من عدم الفِكْرِ في هذه الآية ألا تكون حاصلة، وأيضاً فللقائل أن يقول: إن الله - تعالى - ذكر حَيَاة القبر في هذه الآية؛ لأن قوله:«ثُمَّ يُحْيِيكُمْ» ليس هو الحياة الدائمة، وإلا لما صح أن يقول:«ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون» ؛ لأن كلمة «ثُمَّ» تقتضي التَّراخِي، والرجوع إلى الله - تعالى - حاصل عقب الحَيَاةِ الدَّائمةِ من غير تَرَاخٍ، فلو جعلنا الآية من هذا الوجه دليلاً على حياة القبر كان قريباً.
قوله:«ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون» الضمير في «إليه» لله تعالى، وهذا ظاهر؛ لأنه كالضمائر قبله، وثَمَّ مضاف محذوف أي: إلى ثوابه وعقابه.
وقيل: على الجزاء على الأعمال.
وقيل: على المكان الذي يتولّى الله فيه الحكم بينكم.
وقيل: على الإحياء المدلول عليه ب «أحياكمط، يعني: أنكم ترجعون إلى الحال الأولى التي كنتتم عليها في ابتداء الحياة الأولى من كونكم لا تملكون لأنفسكم شيئاً.
والجمهور على قراءة» تُرْجَعُون «مبنياً للمفعول.
وقرأ يحيى بن يعمر: وابن أبي إسحاق، ومُجَاهد، وابن مُحَيصن، وسلام، ويعقوب مبنياً للفاعل حيث جاء.
ووجه القراءتين أن» رجع «يكون قاصراً ومتعدياً فقراءة الجُمْهور من المتعدّي، وهو أرجح؛ لأن أصلها» ثُمَّ إِلَيْهِ مرجعكم «لأن الإسناد في الأفعال السَّابقة لله تَعَالَى، فناسب أن يكون هذا كله، ولكنه بني للمفعول لأجل الفواصل والمقاطع.
و» أموات «جمع» ميِّت «وقياسه على فعائل كسيّد وسيائد، والأولى أن يكون أن يكون» أموات «جمع» مَيْت «مخففاً ك» أقوال «في جمع» قول «، وقد تقدمت هذه المادّة.