قوله تعالى:{وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} : في محلِّ نصب على الحال من فاعل» تَقْتُلُوا «، و» حُرُمٌ «جمع حرام، وحرامٌ يكون للمُحْرِمِ، وإنْ كان في الحلِّ، ولِمَنْ في الحرمِ، وإنْ كان حلالاً، وهما سيَّان في النهي عن قتل الصيد وهل يدخل فيه المحرمُ بالعُمْرة؟ فيه خلافٌ، وهذه الآيةُ نَزَلَتْ في رَجُلٍ يُقَالَ لَهُ: أبو اليَسَرِ شدَّ على حِمَارٍ وَحْشِيٍّ وهو مُحْرِمٌ فَقَتلَهُ، وهذا يَدُلُّ على المنْعِ من القَتْلِ ابتداء، والمَنْعُ مِنْه تَسَبُّباً، فَلَيْسَ لهُ أنْ يتعَرَّضَ للصَّيْد ما دامَ مُحْرِماً، لا بالسِّلاح ولا بالجَوارِحِ من الكلابِ والطَّيْرِ، سواء كان الصَّيْدُ صَيْد الحِلِّ أو الحَرَمِ، وأمَّا الحلالُ فلَهُ أنْ يَتَصيَّدَ في الحلِّ وفي الحَرَم.
قوله تعالى:» مِنْكُمْ «في محل نصبٍ على الحال من فاعل» قَتَلَهُ «، أي: كائناً منْكُمْ، وقيل:» مِنْ «للبيان، وليس بشيء؛ لأنَّ كُلَّ من قتل صَيْداً حكمُه كذلك، فإن قُلْتَ: هذا واردٌ أيضاً على جعله حالاً، فالجواب: لم يُقْصَدْ لذلك مفهومُ؛ حتَّى إنه لو قتله غيرُكُمْ، لم يكن عليه جزاءٌ؛ لأنَّه قصد بالخطابِ معنًى آخرَ، وهو المبالغةُ في النهي عن قَتْلِ الصيد.
قوله:» مُتَعَمِّداً «حالٌ أيضاً من فاعل» قَتَلَهُ «، فعلى رأي مَنْ يُجَوِّز تعدُّدَ الحال، يُجيز ذلك هنا، ومن منع يقول: إنَّ» مِنْكُمْ «للبيانِ؛ حتَّى لا تتعدَّد الحالُ، و» مَنْ «يُجَوِّزُ أنْ تكونَ شرطيةً، وهو الظاهرُ، وموصولةً، والفاءُ لشبهها بالشرطيةِ، ولا حاجةَ إليه وإنْ كانوا فعلوه في مواضع.
قوله تعالى: «فَجَزَاءٌ» الفاءُ جوابُ الشرطِ أو زائدةٌ؛ لشبه المبتدأ بالشرط؛ فعلى الأوَّل: الجملةُ بعدها في محلِّ جزمٍ؛ وعلى الثاني: في محلِّ رفعٍ، وما بعد «مَنْ» على الأولِ في محلِّ جزمٍ؛ لكونه شرطاً؛ وعلى الثاني: لا محلَّ له لكونه صلةً، وقرأ الكوفيُّون:«فَجَزاءٌ مثلُ» بتنوين «جَزَاء»[ورفعه] ورفع «مِثْلُ» ، وباقي السبعة برفعه مضافاً إلى «مِثْل» ، ومحمَّد بن مُقاتِل بتنوين «جَزَاءً» ، ونصبه، ونصب «مِثْلَ» ، والسُّلَمِي برفع «جَزَاءٌ» منوناً، ونصب «مِثل» ، وقرأ عبد الله «فَجَزَاؤهُ» برفع «جَزَاء» مضافاً لضمير «مِثْل» رفعاً.