والجواب الثاني: أن قوله: {والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}[النازعات: ٣٠] يقتضي تقديم خلق السماء على الأرض، ولا يقتضي أن تكون تسوية السماء مقدّمة على خَلْقِ الأرض، وعلى هذا التَّقْدِير يزول التناقض.
ولقائل أن يقول: قوله: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السمآء بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا}[النازعات: ٢٧ - ٢٨] يقتضي أن يكون خلق السماء، وتسويتها مقدماً على تدحية الأرض، ولكن تَدْحِيَةَ الأرض ملازمة لخلق ذات الأرض، وحينئذ يعود السؤال.
والجواب الثالث وهو الصحيح أن قوله:«ثُمّ» ليس للترتيب هاهنا، وإنما هو على جِهَةِ تعديد النعم، على مثل قول الرَّجل لغيره: أليس قد أعطيتك النعم العظيمة، ثم وقعت الخُصُوم عنك، ولعلّ بعض ما أخره في الذكر قد تقدّم فكذا ها هنا، والله أعلم.
فإن قيل: هل يَدُلّ التنصيص على سَبْعِ سموات على نَفْي العدد الزائد؟
قال ابن الخطيب: الحق أن تخصيص العدد بالذكر لا يَدُلُّ على نفي الزائد.
فصل في إثبات سبع أَرْضين
ورد في التنزيل أن السموات سبع، ولم يأت في التنزيل أن الأرضين سبع إلَاّ قوله {وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ}[الطلاق: ١٢] وهو محتمل للتأويل، لكنه وردت في أحاديث كثيرة صحيحة تدلّ على أن الأرضين سبع كما روي في «الصحيحين» عن رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال:
«من ظَلَمَ قِيْد شِبْرٍ مِنَ الأرض طُوِّقَهُ من سبع أرضين» إلى غير ذلك.
وروى أبو الضحى - واسمه مسلم - عن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْه - قال:«الله الذي خَلَقَ سبع سَمَاواتٍ ومن الأرضِ مِثْلَهُنَّ قال: سبع أرضين في كل أرض نَبِيّ كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم وعِيسَى كعيسى» قال البيهقي: إسناد هذا عن ابن عَبَّاسٍ صحيح وهو شاذّ لا أعلم لأبي الضّحى عليه دليلاً.