وقد فُهِمَ مِمَّا تقدَّم أنَّ الجملة من قوله «يَقُومَانِ» والجارَّ من قوله: «مِنَ الَّذِينَ» : إمَّا مرفوعُ المحلِّ صفةً ل «آخَرَانِ» أو خبرٌ عنه، وإمَّا منصوبُهُ على الحالِ: إمَّا من نَفْسِ «آخَرَانِ» ، أو مِنَ الضَّمِير المستكنِّ في «آخَرَانِ» ، ويجوزُ في قوله «مِنَ الَّذِين» أنْ يكون حالاً من فاعلِ «يَقُومَانِ» .
قوله:«استحقّ» قرأ الجمهور «استُحِقَّ» مبنيًّا للمفعول، «الأولَيَانِ» رفعاً، وقرأ حفص عن عاصم:«اسْتَحَقَّ» مبنيًّا للفاعل، «الأوليَانِ» كالجماعة، وهي قراءة عبد الله بن عبَّاس وأمير المؤمنين عليٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - ورُوِيَتْ عن ابن كثيرٍ أيضاً، وحمزة وأبو بكرٍ عن عاصمٍ:«استُحِقَّ» مبنيًّا للمفعول كالجماعة، «الأوَّلِينَ» جمع «أوَّل» جمع المذكر السَّالِم، والحسن البصريّ:«اسْتَحَقَّ» مبنيًّا للفاعل، و «الأوَّلانِ» مرفوعاً تثنية «أوَّل» ، وابن سيرين كالجماعة، إلا أنه نَصَبَ الأوْلَيْينِ تثنية «أوْلَى» ، وقرئ:«الأوْلَيْنَ» بسكون الواو وفتح اللام، وو جمع «أوْلَى» كالأعْلَيْنَ في جمعِ «أعْلََى» ، ولما وصل أبو إسحاق الزجاج إلى هذا الموضوع، قال:«هذا موضعٌ من أصْعَبِ ما في القرآن إعراباً» . قال شهاب الدين: ولعَمْرِي، إنَّ القولَ ما قالَتْ حَذَامِ؛ فإن الناس قد دارَتْ رؤوسُهم في فَكِّ هذا التركيب، وقد اجتهدْتُ - بحمد الله تعالى - فلخَّصْتُ الكلام فيها أحسن تَلْخِيصٍ، ولا بدَّ من ذِكْرِ شَيْءٍ من معاني الآية؛ لنستعين به على الإعْراب؛ فإنه خادمٌ لها.
فأمَّا قراءةُ الجُمهورِ، فرفعُ «الأوْلَيَان» فيها أوجه: