للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لمعاوَدَةِ [السنين] إياه [ومَرِّهَا] عليه، فهو بمعنى مفعول، قال امْرُؤُ القَيْسِ: [الطويل]

٢٠٩٣ - عَلَى لاحِبٍْ لا يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ ... إذا سَافَهُ العَوْدُ النَّبَاطِيُّ جَرْجَرَا

وصَغَّروه على «عُيَيْدٍ» وكسَّروه على «أعْيَاد» ، وكان القياسُ عُوَيْد وأعْوَاد؛ لزوالِ مُوجِبِ قَلْبِ الواوِ ياء؛ لأنها إنما قُلبتْ لسكونها بعد كَسْرةٍ، ك «مِيزَانٍ» ، وإنما فعلوا ذلك؛ قالوا: فرقاً بينه وبَيْن عُودِ الخَشَبِ.

قوله: «لأوَّلِنَا وَآخِرِنَا» فيه وجهان:

أحدهما: أنه متعلِّقٌ بمحذوف؛ لأنه وقع صفةً ل «عِيداً» .

الثاني: أنه بدلٌ من «نَا» في «لَنَا» ، قال الزمخشريُّ: «لأوَّلِنَا وآخِرِنَا» بدلٌ من «لَنَا» بتكرير العالمِ «، ثم قال:» وقرأ زيدُ بنُ ثابتٍ، وابن مُحَيْصِنٍ والجَحْدَرِيُّ: «لأولَانَا وَأخْرَانَا» بدل «لَنَا» ، والتأنيثُ على معنى الأمَّة «، وخَصّص أبو البقاء كلَّ وجْه بشيء؛ وذلك أنه قال:» فأمَّا «لأوَّلنَا وآخِرِنَا» ، فإذا جعلت «لَنَا» خبراً أو حالاً من فاعل «تَكُونُ» فهو صفةٌ ل «عِيداً» ، وإن جعلت «لَنَا» صفة ل «عِيد» ، كان «لأوَّلِنَا» بدلاً من الضمير المجرور بإعادة الجَارِّ «. قال شهاب الدين: إنما فعل ذلك؛ لأنه إذا جعل» لَنَا «خبراً، كان» عِيداً «حالاً، وإن جعله حالاً، كان» عِيداً «خبراً؛ وعلى التقديرين لا يمكنُه جَعْلُ» لأوَّلِنَا «بدلاً من» لَنَا «؛ لئلا يلزم الفصلُ بين البدلِ والمبدلِ منه: إمَّا بالحال، وإما بالخبر، وهو» عِيد «، بخلافِ ما إذا جُعِل» لَنَا «صفةً ل» عِيد «، [ولكن يُقالُ: قوله: فإن جعلت» لَنَا «صفةً ل» عيداً «] كان» لأوَّلِنَا «بدلاً مُشْكِلٌ أيضاً؛ لأنَّ الفصل فيه موجود، لا سيما أنَّ قوله لا يُحْمل على ظاهره؛ لأنَّ» لَنَا «ليس صفةً بل هو حالٌ مقدمة، ولكنه نَظَرَ إلى الأصل، وأنَّ التقدير: عيداً لَنَا لأوَّلِنَا؛ فكأنه لا فَصْلَ، والظاهرُ جوازُ البدل، والفصلُ بالخبر والحال لا يَضُرُّ؛ لأنه من تمامه، فليس بأجنبيٍّ.

واعلم: أن البدل من ضمير الحاضر، سواءٌ كان متكلِّماً أم مخاطباً، لا يجوز عند جمهور البصريِّين في بدلِ الكلِّ من الكُلِّ، لو قلت:» قُمْتُ زَيْدٌ «تعْني نَفْسَكَ، و» ضَرَبْتُكَ عَمْراً «، لم يَجُزْ، قالوا: لأنَّ البدل إنما يؤتى به للبيانِ غالباً، والحاضِرُ متميِّزٌ بنفسه؛ فلا فائدةَ في البدلِ منه، وهذا يَقْرُبُ من تعليلهم في مَنْعِ وصفه، وأجازَ الأخفشُ ذلك مُطْلَقاً مستدِلاًّ بظاهر هذه الآية الكريمة؛ لقول القائل: [الوافر]

٢٠٩٤ - أنَا سَيْفُ العَشِيرَةِ فَاعْرِفُونِي ... حُمَيْداً قَدْ تَذَرَّيْتُ السَّنَامَا

ف» حُمَيْداً «بدل من ياء» اعْرِفُوني «، وقولِ الآخر: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>