لَكُمْ} [يونس: ٥٩]{ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ}[الأنعام: ١٤٣] وهو كثيرٌ، ويجوز أن يكُونَ» أتخذ «متعدّياً لواحدٍ، فيكون» غير «مَنْصُوباً على الحال من» ولياً «؛ لأنه في الأصل صِفَةٌ له، ولا يجوز أن يكُونُ استثناءً ألْبَتَّةَ، كذا منعه أبو البقاء، ولم يُبَيَّنْ وجهه.
والذي يظهر أنَّ المَانِعَ تقدُّمه على المستثنى منه في المعنى، وهو» وَلياً «.
وأمَّا المعنى فلا يَأبى الاستثناء؛ لأن الاستفهام لا يُرَادُ به حقيقته، بل يُراد به الإنْكَار، فكأنه قيل: لا أتَّخذُ وليَّا غير اللَّه، ولو قيل كذا لكان صحيحاً، فظهر أنَّ المانع عنده إنما هو التَّقْديِمُ على المستثنى منه، لكن ذلك جائز وإن كان قليلاً، ومنه:[الطويل]
أحدهما - وبه قال الزخشريّ والحوفيّ وابن عطيّة -: صفة للجلالة المجرورة ب» غير «، ولا يَضُرُّ الفَضْلُ بين الصِّفَةِ، والموصوف بهذه الجملة الفعلية ومفعولها؛ لأنها ليست بأجنبيةٍ، إذ هي عاملةٌ في عامل الموصوف.
الثاني - وإليه نَحَا أبو البقاء -: أنه بَدَلٌ من اسم اللَّهِ، وكأنه فَرَّ من الفَصْلِ بين الصٍّفةِ وموصوفها.
فإن قيل: هذا لازمٌ له في البد، فإنه فَصَل بين التاَّبع ومتبوعه أيضاً، فيقال: إنَّ الفَصْلَ بين البدلِ والمبدل فيه أسهلح لأن البَدَلَ على نِيَّةِ تَكْرَارِ العمال، فهو أقربُ إلى الفَصْلِ، وقد يُرجَح تخريجه بوَجْهِ آخر، وهو أنَّ» فاطر «اسم فاعل، والمعنى ليس على المُضِيِّ حتى تكون إضافته غير مَحْضَةٍ، فيلزم وَصْفُ المعرفة بالنَّكرة؛ لأنه في نيَّةِ الانفصال من الإضافة، ولا يقال: اللَّهُ فَاطِرُ السموات والأرض فيما مضى، فلا يُرَادُ حالٌ ولا استقبالٌ؛ لأن كلام اللِّهِ - تبارك وتعالى - قديمٌ متقدّمٌ على خَلْقِ السموات، فيكون المراتد به الاسْتِقْبَال قطعاً، ويَدُلُّ على جواز كونه في نيَّة التَّنْوين ما يأتي ذكره عن أبي البَقَاءِ قريباً.