أظهرها: أنه مبتدأ، وخبره الجملة من قوله:{فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} ، ودخلت «الفاء» لما تقدَّم من شهب الموْصُولِ بالشرط.
الثاني: أنه نَعْت للذين آتياناهم الكتاب. قاله الزَّجَّاج.
الثالث: أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين خسروا.
الرابع: أنه منصوبٌ على الذَّمِّ، وهذان الوجهان فَرْعَانِ على النعت؛ لأنهما مقطوعان عنه، وعلى الأقوال الثلاثة الأخيرة يكون {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} من باب عطف جملة اسمية على مَثْلَهَا، ويجوز أن يكون عَطْفاً على «خَسِرُواط وفيه نَظَرٌ من حيث إنه يؤدِّي إلى ترتُّب عدم الإيمان على خسرانهم، والظاهر أنَّ الخُسْرَانَ هو المترتب على عدم الإيمان وعلى الوجه الأول يكون» الذين خسروا «أعمُّ من أهل الكتاب الجاحدين والمشركين، وعلى غيره يكون خَاصّاً بأهل الكتاب، والتقدير: الذين خسروا أنفسهم منهم، أي: من أهْلِ الكتاب.
واسْتُشْكِلَ على كونه نَعْتاً الاستشهادُ بهم على كُفَّار قريش وغيرهم من العرب، يعني كيف يُسْتَشْهَدُ بهم، ويُذَمُّون في آيةٍ واحدة؟
فقيل: إنَّ هذا سيق للذَّم لا للاستشهاد.
وقيل: بل سِيقَ للاستشهاد، وإن كان في بعض الكلام ذَمٌّ لهم، لأنَّ ذلك بوجهين واعتبارين.
قال ابن عطية: فصَحَّ ذلك لاختلاف ما استشهد بهم فيه، وما ذُمُوا فيه، وأنَّ الذَّمَّ والاستشهاد ليسا من جِهِةٍ واحدةٍ.
فصل في بيان المراد من ظاهر الآية
ظَاهِرُ هذه الآية الكريمة يقتضي أن يكون علمهم بنُبُوَّةِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ علمهم بأبنائهم، وهنا سُؤالٌ - وهو أن يُقَالَ: المكتوب في التَّوْرَاةِ والإنجيل مُجَرَّدُ أنه سيخرج نَبِيٌّ في آخر الزمان يدعو الخَلْقَ إلى الحَقِّ، أو المكتوب فيه ذه االمعنى مع تعيين الزَّمَانِ والمكان والنَّسَبِ والصِّفَةٍ والحِلْيَةِ والشَّكْلِ، فإن كان الأول، فذلك القدر لا يَدُلُّ على أنَّ ذلك الشَّخْصَ هو مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فكيف يَصِحُّ أن يقال: علمهم بنوبته مثل علمهم ببنوَّةِ أبنائهم وإن كان الثاني وجب أن يكون [جميع] اليَهُودِ والنَّصَارَى عالمين بالضرورة بأنَّ محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَبِيُّ من عِنْدِ الله، والكَذِبٌ على الجَمْعِ العظيم لا يجوز، ولأنَّا نَعْلَمُ بالضرورة أن التوراة والإنجيل ما كانا مُشْتَمِلَيْنِ على هذه التفاصيل التَّامَّةِ الكاملة؛ لأن هذا التفصيل إمَّا