على الحال، إلاّ أنْ هذا القول يبعده قوله تعالى:{ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} ، إلا أن يكون من ترشيح المجاز، وقد تقدَّم له نظائرُ.
وقرئ «يَرْجِعُونَ» من «رجع» الَاّزم.
اعلم أن الجَسَدَ الخالي [عن] الرُّوح يظهر منه النَّتنُ والصَّديدُ، وأصْلحُ أحْوَالِهِ أن يُدْفَنَ تحت التُّرَاب، والرُّوحُ الخاليَةُ عن العَقْلِ يكون صاحبها مَجْنُوناً يستوجب القَيْدَ والحَبْسَ، والعَقْلُ بالنسبة إلى الرُّوح كالرُّوحِ بالنسبة إلى الجَسَدِ، والعَقْلُ بدُونِ معرفة الله وطَاعَتِهِ كالضَّائِعِ الباطل، فِنِسْبَةُ التوحيد والمَعْرِفَةِ إلى العَقْلِ كنسبة العَقْلِ إلى الرُّوح، ونسبة الروح إلى الجِسَدِ؛ فمعرفة الله وَمَحَبَّتُهُ هي رُوحُ الرُّوح، فالنَّفْسُ الخالِيَةُ عن هذه المعرفة تكون كَصِفةِ الأموات، فلهذا السَّبَب وُصِفَ الكُفَّارُ بأنهم مَوْتَى.