إخْرَاجٌ له عن وضعه، فإن عنى بقوله: «سَدَّا مَسدَّهُ» أنَّهُمَا دَالَاّنِ عليه فهو المُدَّعَى.
والثالث: أن المفعول الأوَّل محذوفٌ، والمسألةُ من باب التَّنازُعِ بين «أرأيتكم وأتاكم» ، والمُتنازعُ فيه لَفْظُ «العذاب» وهذا اختيرا أبي حيَّان، ولنُورِدْ كلامه ليظهر فإنه كلامٌ حسنٌ قال: «فنقول: الذي نَخْتَارُهُ أنها بَقِيَةٌ على حكمها في التعدِّي إلى اثنين، فالأوَّل منصوب، والثاني لم نَجِدْهُ بالاسْتِقْرَاءِ إلَاّ حملة استفهاميةً أو قَسِمِيَّةً.
فإذا تقرَّرَ هذا فنقول: المفعول الأول في هذه الآية مَحْذُوفٌ، والمسألة من باب التَّنازُعِ، تنازع» أرأيتكم «والشرط على» عذاب الله «فأعمل الثَّاني، وهُو» أتاكم «، فارتفع» عذاب «به، ولو أعمل الأوَّل لكان التَّرْكيب:» عذاب «بالنَّصْبِ، ونظير ذلك» اضرب إنْ جاءك زيد «على إعْمَالِ» جاءك «، ولو نصب لجاز، وكان من إعمال الأوَّل.
وأمَّا المفعول الثَّاني، فهو الجملة من الاستفهام» أغَيْرَ الله تَدْعُونَ «والرَّابِطُ لهذه الجملة بالمعفول الأوَّل المحذوف مَحْذُوفٌ تقديره: أغَيْرَ الله تدعون لِكَشْفِهِ، والمعنى: قل: أرأيتكم عذابَ الله إن أتاكم - أو السَّاعة إن أتتكم - أغَيْرَ الله تَدْعُونَ لكشفه، أو لكشف نَوازِلها» . انتهى.
والتقدير الإعْرَابيُّ الذي ذكره يَحْتَاجُ إلى بضع إيْضَاحٍ، وتقديره: قل: أرأيتكموه أو أريتكم إيَّاهُ إن أتاكم عَذابُ الله، فذلك الضمير هو ضَمِيرُ العذابِ لمَّا عَمِلض الثَّاني في ظاهره أعْطِيَ المُلْغَى ضَمِيرَهُ، وإذا أضْمِرَ في الأوَّل حُذِفَ ما لم كن مَرْفُوعاً، أو خبراً في الأصْلِ، وهذا الضمير ليس مَرْفُوعاً، ولا خبراً في الأصل، فلأجل ذلك حُذِفَ ولا يَثْبُتُ إلَاّ ضَرُورَةً.
وأمَّا جوابُ الشَّرْط ففيه خَمسةُ أوجهٍ:
أحدهما: أنه مَحْذُوفٌ، فقدَّرهُ الزمخشري: «إن أتاكم عذابُ الله مَنْ تدعون» .
قال أبو حيَّان: «وإصْلاحُهُ أن تقول:» فَمَنْ تَدْعُون «بالفاء؛ لأن جواب الشَّرْطِ إذا وقع جُمْلَةً اسْتفهامِيَّةً فلا بُدَّ فيه من الفاء» .
الثاني: أنه «أرأيتكم» ، قاله الحُوفي، وهو فَاسِدٌ لوجهين:
أحدهما: أنّ جواب الشرط لا يتقدَّمُ عند جمهور البصريين، إنما جوَّزه الكوفيون، وأبو زيدٍ، والمُبَرِّدُ.
والثاني: أن الجملة المُصدِّرة بالهمزة لا تقعُ جواباً للشَّرْطِ ألْبَتَّةً، إنما يقع من الاسْتِفْهَامِ ما كان ب «هل» أو اسْم من أسْمَاءِ الاستفهام، وإنما لم تَقعِ الجُمْلَةُ المصدَّرةُ بالهمزة جواباً؛ لأنه لا يخْلُو: أن تأتي معها بالفاء، أو لا تأتي بها، لا جَائِز ألَاّ تأتي بهاح لأن كُلَّ ما لا يَصْلُحُ شرطاً يجب اقْتِرَانُهُ بالفاء إذا وقع جواباً.
ولا جَائِزَ أن تأتي بها؛ لأنك: إمَّا أن تأتي بها قَبْلَ الهمزة، نحو: «ن قمت فأزيد