قوله:«فَتَحْنَا» : قرأ الجمهور «فَتَحْنَا» مخفَّفاً، وابن عامر «فَتَّحْنَا» مثقلاً، والتقيلُ مُؤذِن بالتكثير؛ لأن بَعْدَهُ «أبواب» فناسب التكثير والتخفيف هو الأصل.
وقرا ابن عامر أيضاً في «الأعراف»{لَفَتَحْنَا}[الأعراف: ٩٦] وفي «القمر»{فَفَتَحْنَآ}[القمر: ١١] بالتَّشديد أيضاً، وشدَّدَ أيضاً {فُتِحَتْ يَأْجُوجُ}[الأنبياء: ٩٦] والخلافُ أيضاً في {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} في «الزمر» في الموضعين [آية ٧١، ٧٣] ، {وَفُتِحَتِ السمآء} في النبأ [آية ١٩] فإن الجماعة وافقوا ابن عامر على تشديدها، ولم يَقْرَأها بالتخفيق إلَاّ الكوفيون، فقد جَرَى ابن عامر على نَمَطٍ واحدٍ في هذا الفِعْلِ، والباقون شَدَّدُوا في المواضع الثلاثة المُشَارِ إليها، وخَفَّفُوا في الباقي جَمْعاً بين اللغتين.
قوله:«فَإذَا مُبْلِسُونَ»«إذا» هي الفُجَائِيَّةُ، وفيها ثلاثة مذاهب:
مذهب سيبويه أنها ظرف مكان، ومذهبُ جماعة منهم الرّياشي أنها ظرف زمان، ومذهب الكُوفيين أنها حرف، فعلى تقدير كونها ظَرْفاً زماناً أو مكاناً النَّصابُ لها خبر المبتدأ، أي: أبْلِسُوا في مكان إقامَتِهِمْ أو في زمانها.
والإبْلاسُ: الإطْرَاقُ.
وقيل: هو الحزن المعترض من شدة البَأسِ، ومنه أشْتُقَّ «إبْلِيسُ» وقد تقدَّم في موضعه، وأنَّهُ هل هو أعجمي أم لا؟
قال القرطبي: المُبْلسُ الباهت الحزين الآيسُ من الخير الذي لا يحيرُ جواباً لشدَّةِ ما نزل به من سُوءِ الحالِ.