قال القاضي: والأوَّل أوْلَى؛ لأنه لو جاءهم ذلك العذابُ ليْلاً وقد عاينوا قُدُمَهُ لم يكن بَغْتَةً، ولو جاءهم نَهَاراً وهم لا يَشْعُرون بقدومه لم يكن جَهْرَةً.
قوله:«هل يهلك» هذا اسْتِفْهَامٌ بمعنى النَّفْيِ؛ ولذلك دخلت «إلَاّ» وهو استثناء مُفَرَّغٌ، والتقديرُ: ما يُهْلَكُ إلَاّ القَوْمُ الظالمون، وهذه الجملة الاستفهامية في موضع المفعول الثاني ل «أرأيتكم» والأوَّلُ مَحْذُوفٌ، وهو من التَّنَازع على رأي أبي حيَّان كما تقدَّم تَقْرِيرُهُ.
وقال أبو البقاء: الاسْتِفْهَامُ هنا بمعنى التَّقْرير، فلذلك نَابَ عن جواب الشَّرْط، أي: إن أتاكم هلكتم، والظَّاهِرُ ما تقدَّمن ويجيء هنا قول الحُوفِيّ المتقدَّم في الآية قبلها من كون الشرط حالاً.
وقرأ ابن محيصن:«هل يَهْلَكُ» مَبْنيَّا للفاعل.
فإن قيل: إن العذابَ إذا نزل لم يَحْصُلْ فيه التَّمْييزُ بَيْنَ المُطيعِ والعاصي. فالجوابُ أن العذاب وإن عَمَّ الأبْرَارَ والأشْرَار في الظاهرة، إلَاّ أن الهلاك في الحقيقة مُخْتَصٌّ بالظالمين؛ لأن الأخْيَارَ يستوجبون [بسبب نزول تلك] المضارِّ بهم أنْوَاعاً عظيمة من الثواب والدَّرَجَاتِ الرفيعة عن الله.