وتقدَّم أن سيبويه لم يَرْو عن الأعْرَجِ إلَاّ كقارءاة نافعٍ فهذا مما يصلح أن يكون عُذْراً للزَّجَّاج، وأمَّا أبو شَامَةَ فإنه مُتَأخرٌ، فعدم اطِّلاعِهِ عَجيبٌ.
و «الهاء» في «أنه» ضمير الأمر والقِصَّةِ، و «مَنْ» يجوز أن تكون شرطيَّة، وأن تكون موصولة، وعلى كل تقدير فهي مُبْتَدَأةٌ، و «الفاءُ» ما بعدها في محلِّ جَزْم جواباً إن كانت شرطاً، وإلَاّ ففي محلِّ رفعٍ خبراً إن كانت موصُولة، والعائدُ محذوفٌ، أي: غفورٌ له.
و «الهاء» في «بعده» يجوز أن تعود على «السُّوء» ، وأن تعود على العمل المفهوم من الفعل كقوله:{اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ}[المائدة: ٨] والأوَّل أوْلَى؛ لأنه أصْرَحُ، و «منكم» مُتعلِّقٌ بمحذوفٍ إذ هو حالٌ من فاعل «عمل» ، ويجوز أن تكون «مِنْ» للْبَيَانِ، فيعمل فيها «أعني» مقدراً.
وقوله:«بجهالةٍ» فيه وجهان:
أحدهما: أنه مُتَعلِّق ب «عمل» على أن «الباء» للسَّبَيَّة، أي: عمله بسبب الجَهْلِ، وعبَّر أبو البقاء في هذا الوجه عن ذلك بالمفعول به وليس بواضحٍ.
والثاني: وهو الظَّاهِرُ أنه للحالِ، أي: عمله مُصَاحباً للجَهَالَةِ، «ومِنْ» في «مِنْ بعده» لابتداء الغاية.
فصل في تحرير معنى الآية
قال الحسنُ: كل من عمل مَعْصِيَةً فهو جَاهِلٌ، ثُمَّ اختلفُوا؛ قال مُجاهد: لا يعلمُ حلالاً من حرامٍ فمن جهالته ركب الأمر. وقيل جاهلٌ بما يورثه ذلك الذَّنْبُ.
وقيل: جهالتُهُ من حيث إنهخ آثر المَعْصِيَةَ على الطَّاعةِ، والعاجل القليل على الآجل الكثير، ثُمَّ تاب من بعد ورجع عن ذنْبِهِ، وأصلح عمله.