وقدم» العليم «على» الحكيم «؛ لأنه هو المتّصل به في قوله:» وعلم «، وقوله:» وعلم «، وقوله:» لا عِلْمَ لنا «فناسب اتصاله به؛ ولأن الحِكْمَةَ ناشئةٌ عن العلم وأثر له، وكثيراً ما تقدّم صفة العلم عليها.
والحكيم صفةٌ ذاتٍ إن فسر بذي الحِكْمَةِ، وصفة فعل إن فسر بأنه المحكم لصنعته فكأن الملائكة قالت: أنت العالم بكل المعلومات، فأمكنك تعليم آدم، وأنت الحكيم في هذا الفعل المصيب فيه.
وعن» ابن عباس «أن مراد الملائكة من» الحكيم «أنه هو الذي حكم بجعل آدم - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - خليفةً في الأرض.
فصل
احتج أهل الإسلام بهذه الآية على أنه لا سَبِيْلَ إلى معرفة المغيبات إلا بتعليم الله - تعالى - وأنه لا يمكن التوصُّل إليها بعلم النجوم والكهانة، ونظيره قوله تعالى:{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لَا يَعْلَمُهَآ إِلَاّ هُوَ}[الأنعام: ٥٩] وقوله: {عَالِمُ الغيب فَلَا يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً}[الجن: ٢٦] .
قوله:» يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بأسْمَائِهِمْ «.
آدم: مبني على الضم؛ لأنه مفرد معرفة، وكل ما كان كذلك بُني على ما كان يرفع به، وهو في محل نصب لوقوعه موقع المَفْعول به، فإن تقديره: ادعوا آدم، وبني لوقوعه موقع المُضْمَرِ، والأصل: يا إياك كقولهم:» يَا قَدْ كَفَيْتُكَ «، و» يا أَنْتَ «؛ كقوله [الرجز]