القاصَّين» أقَرَأ أحَدٌ بهذا؟ وحيث قال: وهو خير الفاصلين فالفَصْلُ إنما يكون في القضاءِ.
وكأن أبا عمروٍ لم يبلغه «وهو خير القاصين» قراءة، وقد أجاب أبو علي الفارسي عما ذكره أبو العلاء، فقال:«القَصَصُ» هنا بمعنى القولِ، وقد جاء القول في القَصْل أيضاً، قال تعالى {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ}[الطارق: ١٣] .
وقال تعالى:{أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}[هود: ١] .
وقال تعالى:«ونُفَصِّلُ الآياتِ» فقد حمل الفَصْلَ على القول، واستعمل معه كما جاء مع القضاءِ، فلا يلزم من الفاصل أن يكون معيناً ل «يقضي» .
فصل في الاحتجاج بالآية لأهل السُّنة
أحتج أهل السُّنَّةِ بقوله:{إِنِ الحكم إِلَاّ للَّه} على أنه لا يقدر العَبْدُ على أمر من الأمور إلَاّ إذا قَضَاهُ الله، فيمتنع منه فعلُ الكُفْرِ إلا إذا قضى اللَّهُ وحكم به، وكذلك في جميع الأفعال؛ لأن قوله:{إِنِ الحكم إِلَاّ للَّه}[يفيد الحصر] .
واحتج المعتزلة بقوله:«يقضي الحق» ، ومعناه: أن كل ما قضى به فهو الحقّ، وهذا يقتضي ألَاّ يريد الكفر من الكافر، ولا المعصية من العاصي؛ لأن ذلك ليس بحق، والله أعلم.