للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الاستغراقِ، و «على الذين يتَّقُون» خبرها عند من يُجيزُ إعمالها مقدمة الخبر مطلقاً، أو يرى ذلك في الظَّرْفِ وعديلِهِ.

و «مِنْ حِسَابِهِمْ» حالٌ من «شيء» لأنه لو تأخَّر لكان صِفَةً، ويجوز أن تكون مُهْمَلةً إما على لُغَةِ «تميم» وإما على لغة «الحجاز» لِفَواتِ شرطٍ، وهو تقديم خبرها وإن كان طرفاً، وتحقيق ذلك مما تقدَّم في قوله: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ} [الأنعام: ٥٢]

قوله: «ولَكِنْ ذِكْرَى» فيه أربعة أوجه:

أحدهما: أنها مَنْصُوبَةٌ على المَصْدَرِ بفعلٍ مُضْمَرٍ، فَقَدَّرهُ بعضهم أمراً؛ أي: ولكن ذكِّروهم ذِكْرَى، وبعضهم قدَّرَةُ خبراً؛ أي: ولكن يذكرونهم ذكرى.

الثاني: أنه مبتدأ خَبَرُهُ محذوف؛ أي: ولكن عليهم ذكرى؛ أي: النهي عن مُجَالَسَتِهِمْ والامتناع منها ذكرى.

الرابع: أنه عطفٌ على موضع «شيء» المجرور ب «مِنْ» ؛ أي: ما على المُتَّقين من حسابهم شيء، ولكن عليهم ذكرى، فيكون من عَطْفِ المفردات، وأما على الأوجه السَّابقة فمن عطف الجُمَلِ.

وقد رَدَّ الزمخشري هذا الوَجْهَ الرابع، ورَدَّهُ عليه أبو حيان.

فأما رَدّ الزمخشري فقال: «ولا يجوز أن يكون عَطْفاً على مَحَلِّ من شيء؛ كقولك:» ما في الدار من أحد ولكن زيد «؛ لأن قوله:» مِنْ حِسَابِهِمْ «يأبَى ذلك» .

قال أبو حيَّان: كأنه تَخَيَّلَ أن في العَطْفِ يلزم القَيْدُ الذي في المعطوف عليه، وهو «مِنْ حِسَابِهِم» فهو قيد في «شيء» فلا يجوز عنده أن يكون من عَطْفِ المفردات عطفاً على «من شيء» على الموضع؛ لأنه يصير التقدير عنده: ولكن ذكرى من حسابهم، وليس المعنى على هذا، وهذا الذي تَخَيَّلَهُ ليس بشيء، ولا يلزم في العطف ب «لكن» ما ذكر؛ تقول: ما عندنا رَجُلُ سُوءٍ ولكن رَجُلُ صِدْقٍ، وما عندما رَجُلٌ من تميم ولكن رَجُلٌ من قريش، وما قام من رَجُلٍ عالم ولكن رَجُل جاهل، فعلى هذا الذي قَرَّرْناهُ يجوز أن يكون من عطف الجمل كما تقدم، وأن يكون من عَطْفِ المفرادات والعطف بالواو، ولكن جيء بها للاستدراك.

قال شهاب الدِّين: قوله: «تقول: ما عندنا رجل سوء وكن رجل صدق» إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>