اعلم أن هذا هو النعمة الرّابعة من النعم العامة على جميع البشر، وهو أنه خصص آدم بالخلافة أولاً، ثم خصصه بالعلم ثانياً، ثم بلوغه في العلم إلَى أن صارت الملائكة عاجزين عن بلوغ درجته في العلم، ثم ذكر الآن كونه مسجوداً للملائكة.
فإن قيل: الأمر بالسجود حصل قبل أن يسوي الله - تعالى - خلقه آدم بدليل قوله:{إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ}[ص: ٧١ - ٧٢] ، فظاهر هذه الآية يدلّ على أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - لما صار حيًّا صار مسجود الملائكة؛ لأن «الفاء» في قوله: «فَقَعُوا» للتعقيب، وعلى هذا التقدير يكون تعليم الأسماء، ومناظرته مع الملائكة في ذلك الوَقْتِ حصل بعد أن صار مسجود الملائكة.
فالجَوابُ: أجمع المسلمون على أن ذلك السُّجود ليس سُجُودَ عِبَادَةٍ، ثم اختلفوا على ثلاثة أقوال:
الأول: أن ذلك السجود كان لله - تعالى - وآدم - عليه السلام - كان كالقِبْلَةِ، وطعنوا في هذا القول من وجهين:
الأول: أنه لا يقال: صلّيت للقبلة، بل يقال: صليت إلى القبلة، فلو كان - عليه الصّلاة والسلام - قبلة لقيل: اسْجُدوا إلى آدم.