وفرق الرَّاغِبُ بين» جَنَّه «و» أجَنَّه «، فقال: جنه إذا سترَهُ، وأجنة جعل له ما يجنه، كقولك: قَبَرْتُهُ وأقْبَرتُهُ، وسَقَيْتُهُ وقد تقدم لك شيء من هذا عند ذكر» حزن «و» أحزن « [البقرة: ٣٨] ويحتمل أن يكون» جنَّ «في الآية الكريمة متعدياً حذف المفعول فيها، تقدير: جَنَّ الأشْيَاء والمبصرات.
قوله:» رَألا كَوْكَباً «هذا جواب» لمَّا «، وللقراء فيه وفيما بعده من الفعلين خلافٌ كبير بالنسبة إلى الإمالةِ وعدمها، وتلخيصه أن» رأى «الثابت الألف فأمال رَاءَهُ وهمزته إمالة مَحْضَة الأخوان، وأبو بكر عن عاصم، وابن ذكوان عن ابن عامر، وأمال الهمزة منه فقط دون الراء أبو عَمْرٍو وبكماله، وأمال السوسي بخلاف عنه عن ابن عَمْرٍو الراء أيضاً، فالسوسي في أحد وَجْهَيْهِ يوافق الجماعة المتقدمين، وأمال وَرْشٌ الراء والهمزة بَيْنَ بَيْنَ من هذا الحرف، حيث وقع هذا كله ما لم يَتِّصِلْ به ضمير نحو ما تقدم، فأما إن اتَّصَلَ به ضمير نحو:{فَرَآهُ فِي سَوَآءِ}[الصافات: ٥٥]{فَلَمَّا رَآهَا}[النمل: ١٠]{وَإِذَا رَآكَ الذين}[الأنبياء: ٣٦] ، فابن ذكوان عنه وجهان، والباقون على أصولهم المتقدمة.
وأما» رأى «إذا حذفت ألفه فهو على قسمين: قسم لا تعود فيه ألبتة لا وَصْلاً ولا وَقْفاً، نحو:{رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ}[الفرقان: ١٢]{رَأَوُاْ العذاب}[يونس: ٥٤] فلا إمالة في شيء منه، وكذا ما انقلبت ألفه ياءً نحو:{رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ}[الإنسان: ٢٠] .
وقِسْمٌ حُذِفَتْ أله لالتِقَاءِ السَّاكنين وصْلاً، وتعود وَقْفاً نحو:{رَأَى الْقَمَرَ}[الأنعام: ٧٧]{رَأَى الشمس}[الأنعام: ٧٨]{وَرَأَى المجرمون النار}[الكهف: ٥٣]{وَإِذَا رَأى الذين ظَلَمُواْ}[النحل: ٨٥] فهذا فيه خلاف أيضاً بين أهل الإمالة اعتباراً باللفظ تارة، وبالأصل أخرى، فأمال الراء وحدها من غير خلاف حمزة وأبو بكر عن عَاصِمٍ والسُّوسي بخلاف عنه وحده، وأما الهمزة فأمَالَهَا مع الراء أبو بكر والسُّوسي بخلاف عنهما، هذا كله إذا وصلت، أما إذا وقفت فإن الألف تَرْجِعُ لعدم المُقْتَضِي لِحَذْفِهَا، وحكم هذا