الثالث: كذلك، إلا أنَّ» لهم «خبرٌ مقدَّم، و» الأمن «مبتدأ مؤخر، والجُمْلَةُ خبر الموصُول.
الرابع: أن يكون» أولئك «مبتدأ ثانياً، و» لهم «خبره، و» الأمن «فاعل به، والجملةُ خبر الموصول.
الخامس: وإليه ذهب أبو جَعْفَرٍ النحاسُ، والحوفي أن» لهم الأمن «خبر الموصول، وأن» أولئك «فَاصِلَةٌ، وهو غريب؛ لأن الفَصْلَ من شأنِ الضمائر لا من شَأنِ أسماء الإشارة.
وأمَّا على قولنا بأن» الذين «خبر مبتدأ محذوف، فيكون» أولئك «مبتدأ فقط، وخبره الجملة بعده، أو الجار وَحْدَهُ، و» الأمْن «فاعل به، والجملة الأولى على هذا مَنْصُوبةٌ بقولٍ مُضْمَرٍ، أي: قُلْ لهم الذين آمنوا إن كانت من كلام الخليلن أو قالوا هم الذين إن كانت من كلام قومه.
قوله:» وَلَمْ يَلْبِسُوا «يجوز فيه وجهان:
أحدهما: أنها مَعْطُوفَةٌ على الصِّلةِ، فلا مَحضلِّ لها حينئذٍ.
والثاني: أن تكون الواو للحال، الجملة بعدها في محلِّ نصبٍ على الحال، أي: آمنوا غير مُلْبسينَ بِظُلْم.
وهو كقوله تعالى:{أنى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ}[مريم: ٢٠] ، ولا يُلْتَفَتُ إلى قول ابن عصفور، حيث جعل وقوع الجُمْلَةِ المنفية حالاً قليلاً، ولا إلى قَوْلِ ابن خَرُوفٍ، حيث جعل الواو واجِبَة الدخول على هذه الجملة، وإن كان فيها ضَمِيرٌ يعود على الحالِ.
وقرأ عكرمةُ بضمها من الإلْبَاسِ.» وهُمْ مُهْتَدُونَ «يجوز اسْتِئْنَافُهَا وحاليتها.
فصل في تفسر الآية
روى عَلْقَمَة عن عَبْدِ اللَّهِ قال: لما نزلت {الذين آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شقَّ ذلك على المُسلمينَ، فقالوا: يا رسول اللَّهِ، فأيُّنَا لا يَظْلِمُ نفسه، فقال: لَيْسَ ذلِكَ، إنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ، ألَمْ تَسْمَعُوا إلى ما قال لُقْمان لابنه:{يا بني لَا تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣] .