للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: ما هو بمعنى الماضين وإنما هو دالٌّ على فِعْلِ مستمر في الأزمنة.

قال أبو حيَّان: أما قوله: إنما هو دَالٌّ على فعل مستمر في الأزمنة يعنيك فيكون عاملاً، ويكون للمجرور إذا ذاك بعده مَوْضِعٌ فيعطف عليه «الشمس والقمر» قال: «وهذا ليس بِصَحيحٍ إذا كان لا يَتَقَيَّدُ بزمن خاصّ، وإنما هو للاستمرار، فلا يجوز له أن يعمل، ولا لمجروره مَحَلّ، وقد نَصُّوا على ذلك، وأنشدوا عليه قول القائل في ذلك: [البسيط]

٢٢٦٥ - ألْقَيْتَ كَاسِبَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ..... ... ... ... ... ... ... ... .

فليس» الكاسب «هنا مقيداً بزمان، و» إن «تقيَّد بزمان فإما أن يكون ماضياً دون» أل «فلا يعمل عند البصريين، أو ب» أل «أو حالاً أو مستقبلاً، فعلم فيضاف على ما تقرر في النحو» . ثم قال: وعلى تقدير تسليم أن الذي للاستمرار يعمل، فلا يجوز العَطْفُ على مَحَلِّ مجروره، بل مذهب سبيويه - رَحِمَهُ اللَّهُ - في «الذي» بمعنى الحال والاستقبال ألاًَّ يَجُوزُ العَطْفُ على محلِّ مجروره، بل على النصب بفعل مقدَّرٍ لو قلت: هذا ضارب زيد وعمراً [لم يكن نصب عمراً] على المحل [على الصحيح] وهو مذهب سيبويه؛ لأن شَرْطَ العَطْفِ على الموضع مفقود، وهو أن يكون للموضع محرز لا يتغير، وهذا مُوضِّحٌ في علم النحو.

قال شهاب الدين: وقد ذكر الزَّمخشري في أوّل الفاتحة في {مالك يَوْمِ الدين} [الفاتحة: ٤] أنه لمَّا لم يُقْصَدْ به زمانٌ صارت إضافته مَحْضَةً، فلذلك وَقَعَ صفة للمعارف فمن لازم قوله: إنه يترعف بالإضافة ألَاّ يعمل؛ لأن العالم في نِيَّةِ الانفصال عن الإضافة، ومتى كان في نِيَّةِ الانفصال كان نكرة ومتى كان نكرة فلا يقع صِفَةً للمعرفة، وهذا حَسَنٌ حيث يرد عليه بقوله: وقد تقدم تحقيق هذا في الفاتحة.

وقرأ أبو حيوة: «والشَّمْسِ والقَمَرِ» جَرّاً نَسَقاً على اللفظ وقرا شاذّاً «والشَّمْسُ والقَمَرُ» رَفْعاً على الابتداء، وكان من حَقِّهِ أن يقرأ «حُسْبَانٌ» رَفْعاً على الخبر، وإنما قرأه نَصْباً فالخبر حينئذ محذوف، تقديره مَجْعولان حُسْبَاناً، أو مخلوقان حُسْبَاناً.

فإن قلت: لا يمكن في هذه القراءة رَفْع «حسبان» حتى تلزم القارئ بذلك، لأن الشَّمْسَ والقمر ليا نَفْسَ الحسبان.

فالجواب: أنهما في قراءة النصب إما مَفْعُولان أوَّلان، و «حسبان» ثانٍ، وإما

<<  <  ج: ص:  >  >>