والإنْشَاءُ: الإحْدَاثُ والتربية، ومنه: إنشاء السحاب، وقال تبارك وتعالى:{أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الحلية}[الزخرف: ١٨] فهذا يُرَادُ به التربية، وأكثر ما يستعمل الإنشاء في إحْداثِ الحيوان، وقد جاء في غيره قال تبارك وتعالى:{وَيُنْشِىءُ السحاب الثقال}[الرعد: ١٢] .
والإنْشَاءُ: قَسِيمُ الخَبَرِ، وهو ما لم يكن له خَارجٌ، وهل هو مندرج في الطَّلَب أو بالعكس، أو قسم برأسه؟ خلاف.
وقيل على سبيل التقريب: هو مقارنة اللفظ لمعناه.
قال الزمخشري:«فإن قلت: فلم قيل:» يعلمون «مع ذكر النجوم، و» يفقهون «مع ذكر إنشاء بني آدم؟
قلت: كأن إنْشَاءَ الإنْسِ من نَفْسِ واحدة، وتصريفهم على أحوالهم مختلفة ألْطَفُ وأدَقُّ صنعة وتدبيراً، فكان ذكر الفِقْهِ الذي هو استعمال فِطْنَةٍْ، وتَدْقِيقُ نَظَرٍ مُطابقاً له» .
فصل في تفسير الاستقرار
قال ابن عبَّاسٍ في أكثر الروايات: إن المستقر هو الأرْحَامُ، والمستودع الأصلاب.
قال كريب: كتب [جرير إلى] ابن عباس يسأله عن هذه الآية الكريمة، فأجاب:«المستودع» : الصّلب، و «المستقر» : الرحم، ثم قرأ {وَنُقِرُّ فِي الأرحام مَا نَشَآءُ}[الحج: ٥] .
قال سعيد بن جبير: قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: هل تزوجت؟ قلت: لا، قال: أما إنه ما كان من مستودع في ظهرك، فسيخرجه الله عزَّوجلَّ ويؤيده أيضاً أن النُّطْفَة لا تبقى في [صُلْبِ الأب زماناً طويلاً والحنين يبقى في رحم الأم زماناً طويلاً فلما كان المُكْثُ في الرحم أكثر مما في صلب الأب كان حمل الاستقرار على المكث في الرحم] أولى.
وقيل:«المستقر» صلب الأب، و «المستودع» رحم الأم؛ لأن النطفة حَصَلَتْ في