والجمهور على «نخرج» مُسْنَداً إلى ضمير المعظم نفسه.
وقرأ ابن محيصن والأعمش:«يخرج» بياء الغيبة مبنياً للمفعول و «حَبٌّ» قائم مقام فاعله، وعلى كلتا القراءتين تكون الجملة صفةً ل «خَضِراً» وهذا هو الظاهر، وجوّزوا فيها أن تكون مُسْتَانَفَةً، و «متراكب» رفعاً ونصباً صفة ل «حب» بالاعتبارين، والمعنى أن تكون الحبَّات متراكبةً بعضها فوق بعض، مثل [سَنَابِلِ] البُرِّ والشعير والأرز، وسائر الحبوب، ويحصل فوق السُّنْبُلَةِ أجسام دقيقة حادة كأنها الإبَرُ، والمقصود [من تخليقها مَنْعُ الطير من التِقَاطِ تلك الحبَّاتِ المتراكبة.
قوله:{وَمِنَ النخل مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ} يجوز في هذه الجملة أوجه:]
أحسنها: أن يكون «من النخل» خبراً مقدماً، و «من طلعها» بدل بعض من كل بإعادة العامل، فهو كقوله تعالى:{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر}[الأحزاب: ٢١] .
و «قِنْوَانٌ» مبتدأ مؤخر، وهذه الجملة ابتدائية عطفت على الفعلية قبلها.
الثاني: أن يكون «قِنْوان» فاعلاً بالجار قبله، وهو «من النخل» و «من طلعها» على ما تقدَّم من البدليَّة، وذلك على رأي الأخفش.
الثالث: أن تكون المسألةُ من باب التَّنَازُعِ، يعني أن كلَاّ من الجارَّيْنِ يطلب «قنوان» على أنه فاعل على رأي الأخفش، فإن أعملت الثاني، وهو مختار قول البصريين أضمرت في الأوّل، وإن أعملت الأوَّل كما هو مختار قول الكوفيين أضمرت في الثاني.
قال أبو البقاءِ: والوجه الآخر أن يرتفع «قنوان» على أنه فاعل «من طلعها» فيكون في «من النخل» ضمير يفسره «قنوان» وإن رفعت [ «قنوان» ] بقوله: «ومن النخل» على قول من أمعلم أول الفعلين جاز، وكان في «من طلعها» ضمير مرفوع قلت: فقد أشار بقوله: على أنه فالع «من طلعها» إلى إعمال الثاني.
الرابع: أن يكون «قنوان» مبتدأ، و «من طلعها» الخبر، وفي «من النخل» ضمير، تقديره ونبت من النخل شيء أو ثمر، فيكون «من طلعها» بدلاً منه. قاله أبو البقاء رَحِمَهُ اللَّهُ، وهذا كلام لا يصيح؛ لأنه بعد أن جعل «من طعلها» الخبر، فكيف يجعله بدلاً؟ فإن قيل: يجعله بدلاً منه؛ لأن «من النخل» خبر للمبتدأ.