أي: ولم يقل: مشتبهين اكتفى بوصف أحدهما أو على تقدير: «والزيتون مشتبهاً وغير متشابه، والرُّمَّان كذلك» .
قال أبو حيان:«فعلى قوله يكون تقدير البيت: كنت منه بريئاً، ووالدي كذلك، أي: بريئاً، والبيت لا يتَعيَّنُ فيه ما ذكره؛ لأن» ريئاً «على وزن» فعيل «كصديق ورفيق، فَصَحَّ أن يخبر به عن المفرد والمثنى والمجموع، فيحتمل أن يكون» بريئاً «خبر» كان «على اشتراك الضمير والظاهر المعطوف عليه فيه إذ لا يجوز أن يكون خبراً عنهما، ولا يجوز أن يكون حالاً عنهما، إذ لو كان كذلك لكان التركيب مشتبهين وغير مشتبهين» .
وقال أبُو البقاءِ: حَالٌ من «الرمان» ومن الجميع، فإن عَنَى في المعنى فصحيح، ويكون على الحذف، وكما تقدم فإن أراد بالصِّناعةِ، فليس بشيء؛ لأنه كأنه يلزم المطابقة.
والجمهور على «مشتبهاً» . وقرئ شاذاً «متشابهاً» وغير متشابه كالثانية، وهما بمعنى واحِدٍ قال الزمخشري:«كقولك اشتبه الشيئان، وتشابها كاسْتَوَيَا وتَساوَيَا والافتعال والتَّفَاعُل يشتركان كثيراً» .
انتهى وقد جمع بنيهما في هذه الآية الكريمة في قوله «مشتبهاً وغير متشابه» .
فصل في معنى «متشابه» في الآية
قال بعضهم: متشابه في اللون والشكل، ومع أنها تكون مُتشابِهَةً في الطعم واللَّذَّةِ، فإن الأعناب والرمان قد تكون مُتَشابِهَةً في الصورة واللون والشكل، مع أنها تكون مختلفةً في الحلاوةِ والحُمُوضَةِ.
وقيل: إن أكثر الفواكه يكون ما فيها من القِشْرِ والعجم متشابهة في الطعم والخَاصيَّة.
وقال قتادة: مشتبهاً وَرَقُهَا مختلفاً ثمرها؛ لأن وَرَقَ الزيتون يشبه ورق الرمان.
وقيل: إنك إذا أخذت عنقود العنب وجدْت جميع حبَّاتِهِ نَاضِجةً حلوة طيبة إلَاّ حبَّاتٍ مخصوصة لم تدرك، بل بقيت على أوَّل حالها في الحموضة والعُفُوصَةِ، ولعى هذا قبعض حبَّات ذلك العنقود متشابه، وبعضها غير متشابه.