تَصْرِيفاً مثل التصريف في هذه السورة.
والمراد بالتَّصْرِيفِ أنه - تبارك وتعالى - يأتي مُتَوَاتِرَة حالاً بعد حالٍ.
قوله: «ولِيَقُولُوا» الجمهور على كسر اللام كي، والفِعْلُ بعدها منصوب بإضمار «أن» فهو في تَأويل مصدر مَجْرُورٍ بها على ما عرف [غير مرَّةٍ] ، وسماها أبو البقاء وابن عطية لام الصَّيْرُورةِ، كقوله تبارك وتعالى: {فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} [القصص: ٨] وكقوله: [الوافر]
٢٢٧٩ - لِدُوا لِلْمَوْتِ وابْنُوا للخَرَابِ..... ... ... ... ... ... ...
أي: لما صار أمرهم إلى ذلك عَبِّرَ بهذه العبارةِ، والعِلَّةُ غير مُرَادَةٍ في هذه الأمثلة، والمُحَقِّقُونَ يأبَوْنَ جَعْلَهَا للعاقبة والصَّيْرُورةِ، ويُؤوِّلُونَ ما وَرَدَ من ذلك على المَجَازِ.
وجوَّز أبو البقاء فيها الوجهين؛ أعني كونها «لام» العاقبة، أو العلّة حقيقة، فإنه قال: «واللام لام العاقبة، أي: إن أمرهم يَصِيرُ إلى هذا» .
وقيل: إنه قَصَدَ بالتصريف أن يقولوا: درست عقوبة لهم، يعني: فهذه عِلَّةٌ صَرِيحَة، وقد أوضح بعضهم هذا، فقال: المعنى: يُصَرِّفُ هذه الدلائل حالاً بعد حالٍ ليقول بعضهم: دارست فيزادوا كُفْراً، وتَنْبِيهٌ لبعضهم فَيَزْدادُوا إيماناً، ونحو: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً} [البقر: ٢٦]
وأبو علي جعلها في بَعْضِ القراءات لام الصَّيْرُورَةِ، وفي بعضها لام العلّة؛ فقال: واللام في «ليقولوا» في قراءة ابن عامر، ومَنْ وافقه بمعنى: لئلاً يقولوا؛ أي: صُرِّفَت الآيات، وأحْكِمَتْ لئلا يقولوا: هذه أسَاطيرُ الأوَّلينَ قديمة قد بَلِيَتْ وتَكَرَّرَتْ على الأسْماع، واللام على سائر القراءاتِ لام الصَّيْرُورةِ.
قال شهاب الدين: قراءة ابن عامر دَرَسَتْ بوزن أكَلَتْ وسَرَقَتْ فعلاً ماضياً مسنداً لضمير الآيات، وسيأتي تحقيق القراءات في هذا الكلمة مُتَواتِرِهَا وشَاذِّهَا.
قال أبو حيَّان: «وما أجَازَهُ من إضمار» لا «بعد اللام المضمر بعدها» أنْ «هو مذْهَبٌ لبعض الكوفيين، كما أضمروها بعد» أنْ «المُظْهَرَة في {أَن تَضِلُّواْ} [النساء: ١٧٦] ولا يجيز البَصْرِيُّونَ إضْمَارَ» لا «في القَسَمِ على ما تَبَيَّنَ فيه» .
ثم هذه «اللام» لا بد لها من مُتعلِّقٍ، فقدَّرَهُ الزمخشري وغيره مُتَأخِّراً، قال الزمخشري: «وليقولوا» جوابه مَحْذُوف، تقديره: وليقولولا دَرَسَتْ تُصَرِّفُهَا.