وقرئ «دَرُسَتْ» بفتح الدال، وضم الراء مُسْنَداً إلى ضمير الإناث، وهو مُبالغةٌ في» دَرَسَتْ «بمعنى: بَلِيَتْ وقدُمَتْ وانمحَتْ، أي: اشتدَّ دُرُوسُهَا وبلاهَا.
وقرأ أبَيُّ» دَرَسَ «وفاعله ضمير النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، أو ضمير الكتاب بمعنى قرأهُ النَّبِيُّ، وتلاهُ، وكُرِّرَ عليه، أو بمعنى بلي الكتاب وامَّحى، وهكذا في مصحف عبد الله» دَرَسَ «.
وقرأ الحسنُ في رواية» دَرَسْنَ «فعلاً ماضياً مسنداً لنون الإناثِ هي ضمير الآياتن وكذا هي في بَعضِ مصاحفِ ابن مسعود.
وقرئ» دَرَّسْنَ «كالذي قبله إلا أنه بالتَّشديد بمعنى اشتدَّ دُرُوسُهَا وبلاهَا، كما تقدم.
وقرئ» دَارِسَاتٌ «دمع» دَارِسَة «؛ بمعنى: قديمات، أو بمعنى ذات دُرُوس، نحو: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [الحاقة: ٢١] و {خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} [الطارق: ٦] وارتفاعها على خبر ابتداء مضمرٍ، أي: هُنَّ دارسات، والجملة في محلٍِّ نصب بالقولِ قبلها.
قوله:» ولنبيِّنَه «تقدم أنَّ هذا عطفٌ على ما قَبْلَهُ؛ فحكمه حُكْمُه، وفي الضمير المَنْصُوب أربعةُ احتمالات:
أحدها أنه يَعُود على الآياتِ، وجاز ذلك وإن كانت مُؤنَّثَة؛ لأنَّها بِمَعْنَى: القُرآن.
الثاني: أنَّه يَعُود على الكتاب، لدلالة السِّياق عليه، ويُقَوِّي هذا: أنَّه فاعل ب» دَرَسَ «في قَراءة مَنْ قَرَأه كذلك.
الثالث: أنَّه يَعُود على المصدَر المفهوم من نُصَرِّف، أي: نبيِّن التَّصْريف.
الرابع: أنه يَعُود على المَصْدَر المفْهُوم من» لِنُبَيِّنه «أي: نُبَيِّن التَّبْين، نحو:» ضَرَبْتُه زَيْداً «أي:» ضربت الضَّرْب زَيْداً «، و» لقوم «معلِّقٌ بالفعل قبله، و» يعْلَمُون «:
في محل جرِّ صفة للنَّكرة قبلها.
قال ابن عباس - ضي الله عنهما - يُريد أوْلِياءَهُ الذين هداهم إلى سبيل الرَّشاد.
وقيل: نصرِّف الآيات ليشقى بها قَوْم، ويَسْعد بها آخرون؛ فمن قال:» دَرَسْت «فهو شقي، ومن تَبيَّن له الحقُّ، فهو سِعِيدٌ.