قوله:«وَمَا أنْتَ» يجُوز أن تَكُون «مَا» الحجازيةح فيكُون «أنْتَ» : اسْمُهاَ، و «بوكيل» : خبرها في مَحَلِّ نصْب، ويجُوز أن تكُون التَّمِيميَّة؛ فيكون «أنْتَ» : مبتدأ و «بوكيل» : خَبَره في محلِّ رفع، والباءُ زايدة على كلا التَّقْديرين، و «عليهم» : متعلِّق بوكيل قُدِّم لما فيما قَبْلَه، وهذه الجُمْلَة هي في مَعْنى الجملة قَبْلَها؛ لأن معنى ما أنْت وَكِيلٌ عليهم، وهو بِمَعْنَى: ما جَعَلْنَاكَ حفيظاً عليهم، أي: رقيباً.
واعلم أنه - تبارك وتعالى - لما بيَّن أن لا قُدْرَةَ لأحد على إزالة الكُفْر عَنْهُم، ختم الكلام بما يَكْمُل معه تَبْصير الرَّسُوال؛ لأنَّه لما بيَّن له قَدْر مَا جَعَل إلَيْه، فذكر أنَّه ما جَعَله عليْهم حَفِيظاً ولا وِكِيلاً، وإنَّما فوَّض إليه البَلاغ بالأمْر، والنَّهْي، البَيَان بذكر الدَّلائل، فإن انْقَادُوا للقَبُول، فنفعه عَائِدٌ إلَيْهم، وإلا فضرَرُه عَائِدٌ إليهم.
قال عطاء: وما جَعَلْنَاك علهيم حَفِيظاً: تمنعهم منِّي، أي: لم تُبْعِثْ لِتَحْفَظ المُشْرِكين من العذاب، إنما بُعِثْت مُبَلَّغاً، وما أنت عليهم بِوَكيل على سَبيل المَنْع لَهُم.