بالابتداء، و «كمَنْ» خَبَرْهُ، وهي مَوْصُولة، و «يمشي» في محلِّ نَصْب صِفَة ل «نُوراً» .
قال قتادة: أراد ب «النور» : كَتَاب اللَّه - تعالى - بيّنه مع المُؤمن، بها يعمل، وبها يَأخُذ، وإليها يَنْتَهِي، و «مَثَلُه» مُبْتَدأ و «فِي الظُّلُمات» : خَبَرُه، والجُمْلَةُ صِلَةُ «مَنْ» الأولى و «ليس بِخَارج» في محلِّ نَصْبٍ على الحَالِ من الموصُول، أي:«مِثْل الَّذي اسْتَقَرَّ في الظُّلُمات حالً كَوْنه مُقِمياً فيها» .
وقال أبُو البقاء:«لَيْس بِخَارج في مَوْضِع الحَالِ من الضَّمِير في» منْها «ولا يَجُوز أن يكُون حالاً من الهَاءِ في» مَثَلُه «للفَصْل بَيْنَه وبيْن الحَال بالخبر» .
وجعل مَكِّي الجُمْلَة حالاً من الضَّمِير المُسْتَكِنِّ في «الظُّلُمات» وقرأ طَلْحَة بن مُصْرِّف: «أفَمَنْ كَانَ» بالفَاءِ بدل الواو.
فصل في المراد بالآية
اخْتَلَفُوا في هذه الآية الكَرِيمة على قَوْلَيْن:
أحدهما: أنَّها نزلت في رَجُلَيْن بأعْيَانِهِمَا.
قال ابْن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: «جَعَلْنَأ لَهُ نُوراً» يريد: حَمْزة بن عَبْد المُطَّلِب، «كمن مَثَلُه في الظُّلُماتِ» يريد: أبا جَهْل بْن هِشَام، وذلك أنَّ أبا جَهْل رَمَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بفَرْثٍ، فأخْبِر حمزة بما فعل أبُو جَهْل وهو رَاجِعٌ من قُدومِهِ من صَيْدٍ، وبِيَده قَوْس وحَمْزة لَمْ يؤمن بعد، فأقبل غضْباناً حتى علا أبَا جَهْلٍ بالقَوْس، وهو يَتَضَرَّع إلَيْه، ويَقُول: أبا يَعْلى، أما ترى ما جَاءً به، سَفَّه عُقُولنا، وسَبَّ آلهتنا، وخالف آباءنا، فقال حَمْزَة: ومن أسْفَه مِنْكُم، تَعْبُدون الحِجَارة من دُونِ اللَّه؛ أشْهَدُ ألاّ إله إلَاّ الله وأشْهَد أنَّ محمَّداً عَبْده ورَسُوله، فأنْزَل اللَّه الآية.
وقال الضَّحَّاك: نَزَلَت في عُمر بن الخَطَّاب، وأبي جَهْل.
وقال عِكْرِمَة، والكلبي: نزلت في عمَّار بن يَاسِر، وأبي جَهْل.