جَعَلْنَاه مُجْرِميها أكَابر" ولا يجوز أن تكون الأكَابِر مضافةً؛ لأنه لا يتمُّ المعنى، ويحتاجُ إلى إضْمار المفعول الثاني للجعل؛ لأنك إذا قلت:» جعلتُ زَيْداً «وسكتَّ لم يُفِد الكلامُ حتى تقول: رَئِيساً أو َلِيلاً، أو ما أشبه ذلك، ولأنَّك إذا أضَفْتَ الأكَابِر، فقد أضَفْتَ النعتَ إلى المنعوت؛ وذلك لا يجوزُ عند البَصْريِّين» .
أمَّا الأولُ فلا نسلم أنا نُضْمِرُ المعفول الثاني، وأنه يَصِيرُ الكلامُ غيرَ مُفِيد، وأمَّا ما أوْرَده من الأمْثِلَةِ، فليس مُطَابِقاً؛ لأنَّا نقولُ: إنَّ المفعول الثَّانِي - هنا - مذكورٌ مصرّحٌ به، هو الجارُّ والمجرورُ السابقُ.
وأما الثاني: فلا نُسَلِّم محذوفٌ، قالوا: وتقديرُه: «جعلنا في كُلِّ قرية أكَابر مُجْرميها فُسَّقاً لِيَمْكُرُوا» وهذا لَيْس بِشَيءٍ؛ لأنه لا يحذفُ شيء إلَاّ لدليلٍ، والدليلُ على ما ذكروه غيرُ واضحٍ.
وقال ابنُ عطيَّة:«ويقالُ أكابرة كما يقالُ أحْمر وأحَامِرةَ» ؛ قال الشاعر:[الكامل]
قال ابو حيان:«ولا أعْلَمُ أحَداً أجاز في جَمْع أفْضَل أفَاضِلَة، بل نَصَّ النحويون على أن: أفْعَل التَّفْضِيل يجمعُ للمذكَّرِ على الأفضَلِين، أو على الأفاضل» .
قال شهابُ الدين: وهذه التاءُ يذكرها النحويونُ أنها تكون دَالَّةً على النسب في مِثْلِ هذه البنية، قالوا: الأزَارَقَة، والأشاعِثَة، وفي الأزْرَقِ ورهطه، والأشْعَث وبنيه، ولي بقياسٍ، ولَيْس هذا مِنْ ذلك في شَيْءٍ.
والجمهورُ على «أكَابِرَ» جَمْعاً.
وقرأ ابنُ مُسْلِم:«أكبر مجرميها» بالإفْرَادِ، وهو جائِزٌ، وذلك أنَّ أفعل التفضيل إذا أضيفت لمعرفة وأُريد بها غيرُ الإفْرَادِ، والتذكير؛ جاز أنْ يُطابِق، كالقراءةِ المشهُورةِ