والجمع: مَعَاشِر؛ كقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «نَحْنُ مَعَاشِر الأنْبيَاء لا نُوَرِّث» قال الأودي: [البسيط]
٢٣١٢ - فِينَا مَعَاشِرُ لَنْ يَبْنُوا لِقَومِهِمُ ... وإنْ بَنَى قَوْمُهُم مَا أفْسَدُوا عَادُوا
قوله تعالى: «مِنَ الإنْس» في محلِّ نصبٍ على الحالِ، أي: أوْلِيَاءَهُم كانوا إنْساً وجِناً، والتقدير: أوْلِيَاؤهم الذين هم الإنْسُ، و «ربِّنا» حُذِفَ منه حَرْف النِّداء.
وقوله: «قال أوْلِيَاؤهُم مِنَ الإنْس» يعني: أوْلياء الشَّياطين الَّذِين أطاعُوهُم من الإنْسِ، «ربَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْض» والمَعْنَى: استَكْثَرْتُم من الإنْسِ بالإضلالِ والإغْواء، أي: أضْلَلْتُم كَثِيراً.
وقال الكَلْبِيّ: استِمْتَاع الإنْس بالجنِّ هو الرَّجُل كان إذا سَافر وتُرِكَ بأرض قَفْر، وخاف على نَفْسِهِ من الجِنِّ، قال: أعوذ بسَيِّد هذا الوَادِي من سُفَهاء قَوْمه، فيبيتُ آمناً في جوارهم، وأما استِمْتَاعُ الجنِّ بالإنْسِ، فهو أنَّهُم قالُوا: قد سَعْدْنَا الإنس مع الجِنِّ، حتى عاذوا بِنَا فَيَزْدَادوا شَرَفاً في قَوْمِهِم وعظماً في أنْفُسِهِم، كقوله - تبارك وتعالى -:
{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإنس يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجن فَزَادوهُمْ رَهَقاً} [الجن: ٦] .
وقيل: استِمْتَاعُ الإنْس بالجِنِّ ما كَانُوا يلْقثون غلأهيم من الأرَاجِيفِ، والسِّحْرِ والكَهَانَةِ، وتزيينهم لهم الأمور التي يَهْوُونَها، وتَسْهيل سَبيلِها عليهم، واستِمْتَاع الجن بالإنْس طاعة الإنْسِ لهم فيما يُزيِّنُون لَهُمْ من الضَّلالة والمَعَاصِي.
وقال محمد بن كَعْبٍ القُرَظيك هو طاعةُ بعضِهِمْ بَعْضاً، وقيل: قوله: «ربِّنَا اسْتَمْتَع بَعْضُنَا بِبَعْض» كلام الإنْس خَاصَّة.
قوله: {وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا الذي أَجَّلْتَ لَنَا} قرأ الجمهور: «أجَلَنا» بالإفْرَاد؛ لقوله: «الَّذِيط وقُرِئ:» آجَالَنا «بالجَمْع على أفْعَال» الَّذِي «بالإفْرَاد والتَّذْكير وهو نَعْتُ للجَمْعِ.
فقال ابو عَلِيّ: هو جنْس أوقع» الَّذِي «مَوْقِع» الَّتِي «.
قال أبو حيَّان: وإعْرابه عِنْدِي بدل؛ كأنه قيل:» الوَقْتُ الَّذِي «وحينئذٍ يكون جِنْساً ولا يَكُون إعْرَابُه نَعْتاً؛ لعدم المُطابَقَة بينَهُمَا، وفيه نَظَر؛ لأن المُطَابقة تُشْتَرطُ في البَدَلِ أيْضاً، وكذلك نصُّ النُّحَاة على قَوْل النَّابِغة: [الطويل]