أظهرهما: أنه مُتعلِّق بِمَحْذُوف على أنَّه حالٌ من «ربُّطَ» أو من الضَّمير في «مُهْلِكَ» أي: لم يَكُون مُهْلِك القُرى مُلْتِبِساً بِظُلْمٍ، ويجُوز أن يكُون حالاً من القُرَى، أي: مُلْتَبِسَة بذُنُوبها، والمعْنَيَان منْقُولان في التَّفْسِير. والثاني: أن يتعلَّق ب «مُهْلِكَ على أنَّه مَفْعُول وهو بَعِيد، وقد ذكرَهُ أبو البقاء.
وقوله:» وأهْلُهَا غَافِلُون «جُمْلَة حالية أي: لم يُنْذَرُوا حتى يَبْعَث إليهم رُسُلاً تُنْذرهُم، وقال الكَلْبِي: يُهْلِكُهم بذُنُوبِهم من قَبْل أنْ يَأتيهمُ الرُّسُل.
وقيل: مَعْنَاه لم يَكُون لِيُهْلِكَهُم دون التَّنْبيه والتَّذْكِير بالرُّسُل، فيكون قد ظَلَمَهُم؛ لأن الله - تبارك وتعالى - أجْرى السُّنَّة ألا يَأخذ أحداً إلا بعد وُجُود الذَّنْبِ، وإنما يَكُون مُذْنِباً إذا أمِر فَلَمْ يأتَمِر، ونُهِيَ فلم يَنْتَهِ، وذلك إنما يكون بعد إنْذَار الرُّسُل، وهذه الآية تدلُّ على أنَّه لا وُجُوب ولا تَكْلِيف قِبْلَ ورود الشَّرْع.