للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إعْراب القُرْآن الكَريم، له: أنَّ لِهَذِه الآيَةِ نظائِر فذكرها وأما في إعرابه: فلم يَذْكُر أنَّ غيرها في القُرْآن شَارَكها في ذلك؛ فقال في إعرابه:» وإنَّما أنَّثَ الخَبَر؛ لأن مَا فِي بُطُون الأنْعَام أنْعَام؛ فحلم التأنيث على المَعْنَى، ثم قال: «ومُحَرَّم» فذكَّر حَمْلاً على لَفْظِ «مَا» وهذا نَادِر لا نَظِير له، وإنَّما يَأتِي في «مَنْ» حَمْل الكلام أوَّلاً على اللَّفْظِ ثم على المَعْنَى بعد ذلك، فاعرفه فإنه قَلِيلٌ «.

قوال في غير «الإعْرَاب» : «هذه الآيةُ في قرءاة الجماعة أتَتْ على خلاف نظائِرِهَا في القُرْآن؛ أن كلما يُحْمل على اللفظِ مرة وعلى المَعْنَى مرَّة، إنما يبتَدِئ أولاً بالحَمْل على اللَّفْظِ ثم يليه الحَمْل على المَعْنِى، نحو: {مَنْ آمَنَ بالله} [البقرة: ٦٢] [ثم قال] فَلَهُم أجرُهم «هكذا يأيت في القُرْآن وكلام العرب، وهذه الآيةُ تقدَّم فيها الحملُ على المَعْنِى، فقال:» خَالِصَة «ثم حَمَل على اللَّفظِ، فقال:» وحُرِّمَ «ومثله {كُلُّ ذلك كَانَ سَيِّئُهُ} [الإسراء: ٣٨] في قراءة نافع ومن تابعه، فأنَّث على معنى» كُلَ «لأنها اسْم لجَمِيع ما تقدَّم ممَّا نهى عنه من الخَطَايَا، ثم قال:» عند ربِّك مَكْرُوهاً «فذكر على لَفْظِ» كُلّ «وكذلك {مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُواْ على ظُهُورِهِ} [الرخرف: ١٢، ١٣] جَمَعَ الظُّهُور حملاً على مَعْنَى» ما « [ووحَّد الهاء حَمْلاً على لَفْظ» مَا «، وحُكي عن العرب:» هذا الجَرَادُ قد ذَهَب فأراحَنَا مِنْ أنْفُسِهِ جمع الأنْفُس] ووحد الهَاء وذكَّرها «.

قال شهاب الدين: أما قوله:» هكذا أتى في القُرْآنِ «فصحيح، وأمَّا قوله:» وكلام العرب «فليس ذلك بِمُسَلَّم؛ إذ في كلام العرب البداية بالحَمْل على المَعْنَى ثم على اللَّفْظِ، وإن كان عَكْسُه هوالكَثِير، وأمَّا ما جعله نَظِير هذه الآية في الحَمْل على المَعْنَى أوَّلَا ثم على اللَّفْظ ثانياً، فلي بمُسَلَّم أيضاً، وكذلك لا نُسَلِّم أن هذه الآية مما حُمِل فيها على المَعْنَى أولاً ثم على اللفظِ ثانياً.

وبيان ذلك: أن لقَائِل أن يَقُول: صِلَة» مَا «جارّ ومجرور وهُو مُتعلِّق بمحْذُوف، فتقدريه مُسْنَداً لضمير مذكر، أي: ما ستقرَّ في بُطُون هذه الأنْعَام، ويبعد تَقْديرهُ باسْتَقَرَّت، إذا عرف هذا، فيكُون قد حُمَل أوَّلاً على اللَّفْظ في الصِّلة المقدَّرة ثم على المَعْنَى ثانياً، وأما» كُلُّ ذَلِك كان شَيِّئةُ «فَبَدأ فيه أيضاً بالحَمْل على اللَّفْظِ في قوله:» كَانَ «فإنه ذكر ضَميرَهُ المسْتَتِر في» كَانَ «، ثم حمل على المعنى في قوله:» سَيِّئهُ «فأنَّث، وكذلك

{لِتَسْتَوُواْ

على

ظُهُورِهِ

} [الزخرف: ١٣] فإن قبله «مَا تَرْكَبُون» والتقدير: ما تركَبُونه، فحلم العِائِد المحذُوف على اللَّفْظ أوَّلاً ثم حُمِل على المَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>