للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل في معنى الزرع والنخل

والزَّرغ والنَّخْل؛ فسر ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - الزَّرْع هَهُنا: لجميع الحُبُوب التي تقْتَات، أي: وأنْشَأ الزَّرْع، وأفْرِدا بالذِّكر وهما دَاخِلان في النِّبات؛ لما فيهما من الفَضِيلَة على ما تقدَّم بيانه في البقرة عند قوله - تعالى -: {مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ} [البقرة: ٩٨] .

قوله - تعالى -: {مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ} : مَنْصُوب على الحَالِ وفيها قولان:

أحدهما: أنها حَالٌ مُقَدَّرة؛ أن النَّخْل والزرع وَقْت خروجهما لا أكْلَ فِيهمَا؛ حتى يقال فيه: مُتَّفِقٌ أو مُخْتَلِف؛ فهو كقوله - تبارك وتعالى -: {فادخلوها خَالِدِينَ} [الزمر: ٧٣] ، كقولهم: «مَرَرْت برجُلٍ معه صَقْرٌ صَائِداً به غداً» أي: مُقَدِّراً الاصطِيَاد به.

والثاني: أنها حَالٌ مُقَارِنَة، وذلك على حَذْفِ مُضَافٍ، أي: وثمر النَّخْل وحَبُّ الزَّرع، و «أكُلُه» مَرْفُوعٌ ب «مُخْتَلِفاً» [لأنه اسْم فاعل، وشروط الإعْمَال مَوْجُودة، والأكُل: الشَّيْء المَأكُول، وق تقدَّم أنه يُقْرأ بضمّ الكافِ وسُكُونها، ومضى تحقيقُه في البقرة: [٢٦٥] والضَّمِير في «أكُله» الظاهر أنَّه يَعُودُ على الزَّرْعِ فقط:

إمَّا لأنَّه حذف حالاً من النَّخْلِ؛ لدلالة هذه عَلَيْه، تقديره: والنَّخْل مُخْتَلِفاً أكُلُه، والزَّرْع مُخْتَلِفاً] أكله.

وإمَّا لأن الزَّرع هو الظَّاهِر فيه الاخْتِلافُ بالنِّسْبَة إلى المأكُول مِنْه؛ كالقَمْح والشَّعِير والفول والحِمص والعَدس وغير ذلك.

وقيل: إنها تعود عليهما.

قال الزَّمَخْشَرِيُّ: والضَّمِير للنَّخْل والزَّرع داخل في حُكْمِهِ، لكونه مَعْطُوفاً عليه.

وقال أبو حيًّان: وليس بِجيِّد؛ لأن العَطْف بالواوِ، ولا يَجُوز إفْرَاد ضَمير المتَعَاطِفين.

وقال الحُوفِيُّ: «والهاءُ في» أكُلُه «عائدة على ذِكْر ما تقدَّم من هذه الاشْيَاء المُنْشَآت» وعلى هذا الذي ذكرَهُ الحوفي: لا تخْتَصُّ الحَالُ بالنخل والزَّرْعِ، بل يكُون لِمَا تقدَّم جَمِيعه.

قال أبو حيَّان: «ولو كَانَ كما زَعَم، لكان التَّرْكيب:» أكُلُهَا «إلا إنْ أُخِذ ذَلِك على حَذْفِ مُضَافِ، أي: ثَمَرَ جَنَّات، وروعي هذا المَحْذُوف فقيل:» أكُلُه «بالإفْرَاد على

<<  <  ج: ص:  >  >>