تعالى: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} والمذكرو قَبْله الزَّيْتُون والرُّمَّان، والمذكور عَقِب الجملة بَنْصَرِف إلى الإخِيرَة بلا خلافٍ قال الكيا الطبري.
قوله: «ولا تُسْرِفُوا» قال أبو العبَّاس عن ابن الأعْرَابيِّ: السَّرَف تجاوز الحدَّ.
وقال غيره: سَرَف المال: ما ذهب منه من غَيْر مَنْفَعَةٍ.
قال القُرْطُبي: الإسْرَاف في اللُّغَة: الخطأ.
قال ابن عبَّاس «وحَقُّ اللَّه» في رواية الكلبي عنه؛ أن ثابت بن قيس ن شماس جَذَذَ خمسمائة نَخْلَةٍن وقسَّمَها في يوم واحدٍ ولم يترك لأهْلِه شَيْئاً؛ فأنزل اللَّه هذه الآية.
وقال السُّدِّيُّ: «لا تُسْرِفُوا؛ أي: لا تعْطُوا أمْوَالُكم فتَقْعُدوا فُقَرَاء» .
قال الزَّجَّاج - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «فعلى هذا إذن: إعْضَاء الإنْسَان كل مَالِهِ، ولم يوصل إلى عياله شَيْئاً وقد اسْرَف؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -:» ابْدَأ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ «.
وقال سيعد بن المسيَّب: مَعْنَاه لا تَمْنَعُوا الصِّدقة فعلى الأوَّل معنى الإسْرَاف؛ تجاوُز [الحَدِّ في الإعْطَاء، وعلى هذا الإسْرَاف: تجاوز» الحَدِّ في المَنْع.
قوال مُقَاتِل: لا تُسْرِفُوا: لا تُشْرِكُوا الأصْنَام في الحَرْث والأنْعام.
وقال الزُّهري: معناه: لا تُنْفِقُوا في مَعْصية اللَّه - تعالى -.
قال مُجَاهد: لو كان أبُو قُبَيْس ذَهَاباً فأنفقه أحد في سَبيل اللَّه وطاعة اللَّه، لم يكن مُسْرِفاً: لو أنْفق دِرْهَمان في مَعْصِيَة اللًّه، كان مسرفاً، وهذا المَعْنَى أراده الشَّاعِر بقوله: [الوافر]
٢٣٥٦ - ذَهَابُ المَالِ في جُهْدٍ وأجْرٍ ... ذَهَابٌ لا يُقَالُ لَهُ: ذَهَابُ
قيل لِحَاتِمٍ الطَائيِّ: لا خير في السَّرفِ، فقال: لا سَرَف في الخَيْر.
ورَوَى ابن وهب عن ابن زيد قال: الخِطَاب إلى السَّلاطين، يَقُول: لا تَأخُذُوا فوق حَقكم، قال - عليه الصَّلاة والسلام - «المعتدي في الصِّدَقَةِ كَمَانِعِهَا» .