محل نصب؛ لأنه صِفَة له؛ كأنه قيل: أو فِسْقاً مُهَلاً به لِغَيْر اللَّه، جعل العَيْن المُحُرَّمَة نَفْس الفِسْق؛ مُبَالغَة، أو على حَذْف مُضَافٍ، ويُفَسِّره ما تقدَّم من قوله:{وَلَا تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}[الأنعام: ٢١]
الثاني: أنه مَنْصُوب عَطْفا على محلِّ المسْتَثْنَى، أي: إلا أنْ يكون مَيْتَة أو إلَاّ فِسْقاً، وقوله:«فإنَّه رِجْسٌ» اعْتِرَاض بين المُتعاطِفَيْن.
والثالث: أن يكون مَفْعُولاً من أجْلِه، والعَامِل فيه قوله:«أهِلَّ» مقدَّمٌ عليه، ويكون قد فَصَل بين حَرْف العَطْفِ وهو «أوْ» وبَيْن المَعْطُوف وهو اجملة من قوله: «أهِلَّ» بهذا المَفْعُول من أجْلِه؛ ونظيره في تَقْدِيم المَفْعُول له على عَامِلهِ قوله:[الطويل]
و «أهِلَّ» على هذا الإعْرَاب عَطْفٌ على «يكون» والضَّمِير في «به» عائدٌ على ما عَادَ عليه الضَّمِيرُ المُسْتَتِر في «يَكُون» ، وقد تقدم تَحْقِيقه، قاله الزمخشري.
إلَاّ أن أبا حيَّان تعقَّب عليه ذلك؛ فقال:«وهذا إعْرَاب متكَلِّفٌ جداً، وترْكِيبُه على هذا الإعارب خارج عن الفَصَاحةِ، وغير جَائزٍ على قراءة من قرأ» إلا أنْ يكُون مَيْتَةٌ «بالرَّفْع، فيبقى الضَّمير في» به «لَيْس له ما يَعُود عليه، ولا يجوز أن يُتكَلَّف مَحْذُوف حتى يَعُود الضَّمير علي، فيكون التَّقْدير: أو شَيءٌ أهِلَّ لِغَيْر الله به، لأن مِثْل هذا لا يَجُوز إلَاّ في ضَرُورة الشِّعْر» .
قال شهاب الدِّين: يَعْنِي بذلك: أنَّه لا يُحْذَف الموصُوف والصِّفَة جُمْلَةً، إلا إذا كان في الكلام «مِنْ» التَّبْعِيضيَّة؛ كقولهم «» مِنَّا ظَعَنَ ومنَّا أقَام «أي: منا فَريقٌ ظعن، ومنَّا فَرِيقٌ أقَام فإن لم يكن فيه» مِنْ «كان ضَرورة؛ كقوله:[الزجر]
٢٣٧١ - تَرْمِي بِكَفِّيْ كانَ مِنْ أرْمَى البَشَرْ ... أي: بكفَّي رَجُلِ؛ وهذا رأي بَعَضهم، وأما غَيْرَه فَيَقُول: متى دلَّ على المَوْصُوف، حُذَِف مُطْلقاً، فقد يجُوز أن يَرَى الزَّمَخْشَري هذا الرَّأي.
فصل في هل التحريم مَقْصُور على هذه الأشياء؟
ذهب بَعْض أهل العِلْم إلى أن التَّحْريم مَقْصُور على هذه الأشياء؛ يُرْوَى ذلك عن عَائِشة وبان عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - قالوا: ويَدْخل في المَيْتَة المُنْخَفِقَة والموْقُوذة وما