وألزم الخليقة دين الإسلام، بحلِّة وحرمه وأمره ونهيه، فلو ذَبَحُوا أنعامهم فأكَلُوا ما أحَلَّ لَهُم في التَّوْرَاة وترَكُوا ما حرَّم عليهم فهل يحلُّ لنا؟
قال مَالِكٌ في كِتَاب محمَّد: هي مُحُرَّمة وقال في سماع» المبسوط «: هي محلَّلة؛ وبه قال ابن نافع.
وقال ابن القاسم: «أكرَهُه» والصَّحيح حِلُّه؛ لحديث جواب الشَّحْم الذي رَوَاهُ عبد الله بمن مغفل.
قوله:«ذَلَك جَزَيْنَاهُمْ» فيه أربعة أوْجُه:
أحدهما: أنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أي: الأمْر ذلك، قاله الحُوفِيُّ؛ ومكِّي وأبو البقاء.
الثاني: أنه مُبْتَدأ، والخبرما بعده، والعَائِد مَحْذُوفٌ، أي: ذلك جَزَيْنَاهُمُوه، قاله أبو البقاء - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - وفيه ضَعْف؛ من حيث إنه حَذَف العَائِد المنْصُوب، وقد تقدّم ما فيه في المَائدةَ في قوله - تعالى {أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ}[المائدة: ٥٠] وأيضاً فقدَّر العَائِد مُتَّصِلاً، ويَنْبَغي ألا يُقدَّر إلا مُنْفَصِلاً ولكنه يَشْكُل حذفه، وقد تقدَّم تحقيقُهُ في أوّل البقرة.
وقال ابن عطيَّة:«ذلك في مَوْضِع رَفْعٍ» ولم يُبَيْنْ على أيِّ الوَجْهيْن المتقدِّمَيْن، ويَنْبَغي أن يُحَمَل على الأوَّل؛ لضعف الثَّاني.
الثالث: أنه مَنْصُوب على المَصْدَر، وهو ظاهر كلام الزَّمْخَشَري؛ فإنه قال:«ذلك الجَزَاء جزيْنَاهُم وتَحْريمُ الطِّيِّبات» ، وإلا أن هذا قَدْ يَنْخَدِشُ بما نقله ابن مالك، وهو أنَّ المَصْدَر إذا أشِير إليه، وجب أنْ يُتْبَع بذلك المَصْدَرُ؛ فيقال:«ضَرَبْتُ ذلِك الضَّرْبَ» و «قُمْتُ هذا القِيَامَ» ولو قُلْت: «ضَرَبْت زَيْداً ذَلِك» و «قُمْت هذا» لم يَجزْ، ذكر ذلك في الرَّدَّ على من أجَابَ عن قَوْل المُتَنَبِّي:[الكامل]