الثالث: أنها النَّاصِبة أيضاً، وهي وما في حَيِّزها بدلٌ من العَائِد المحذُوف، إذا التَّقْدير: ما حَرَّمه، وهلي في المَعْنى كالذي قَبْلَه.
و» لا «على هذهين الوَجْهَيْن زائدة؛ لئلا يَفْسُد المعنى كزِيَادَتِها شفي قوله - تعالى -: {أَلَاّ تَسْجُدَ} [الأعراف: ١٢] و {لِّئَلَاّ يَعْلَمَ} [الحديد: ٢٩] والتَّقْدير: حرّم ربُّكُم عليككم أن تُشْرِكوا.
قال أبو حيَّان:» وهذا ضَعِيف؛ لانحصار عُمُوم المحرَّم في الإشْرَاك؛ إذ ما بعده من الأمْر ليس دَاخِلاً في المُحَرَّم، ولا ما بعدها الأمر مما فيه لا يمكن ادّعَا زِيَادة «لا» فيه؛ لظهور أنَّ «لَا» فيه للنهْي «، ولما مكِّي كونها بَدَلاً من» مَا حَرَّم « [لم يُنَبّه على زيادة» لَا «ولا بُدَّ منه.
وقد مَنَع الزَّمَخْشَريُّ أن يكُون بدلاً من» مَا حَرَّمَ «] فقال:» فإن قُلْتَ: هلا قُلْت: فهي الَّتِي تَنْصِب الفْعْل، وجعلت «ألَاّ تُشْرِكُوا» بدلاً من «ما حَرَّمَ» .
قلت: وجب أن يكُون: ألَاّ تُشْرِكُوا، ولا «تَقْرَبوا» و «لا تقْتُلوا» و «لا تَتّبِعُوا السُّبُلَ
نواهي؛ لانعطاف الأوَامِر الأوَامِر عليها، وهي قوله - تعالى - {وبالوالدين إِحْسَاناً} ؛ لأن التقْدير: وأحْسِنُوا بالوالدين إحْسَاناً، وأوْفُوا وإذا قلتم فاعدلوا، وبعهد الله أوفوا.
فإن قُلْت: فما تَصْنَع بقوله: {وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه} [الأنعام: ١٥٣] فيمن قَرَأَ بالفَتْح؛ وإننما يستقيم عَطْفُه على «ألَاّ تُشْرِكُوا» إذا جعلْت «أنْ» هي النَّاصِبَة، حتى يكون المَعْنَى: أتْل عَلَيْكُم نَفْي الإشْرَاكِ، وأتل عَلَيْكم أنَّ هذا صِرَاطِي مستَقياً؟
قلت: أجْعَلُ قوله: «وأنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقيماً» علَّةً للاتِّبَاع بتقدير اللام؛ كقوله {وَأَنَّ المساجد لِلَّهِ فَلَا تَدْعُواْ مَعَ الله أَحَداً} [الجن: ١٨] بمعنى: واتَّبْعُوا صراطِي، لأنَّه مسْتَقِيمٌ، أو: واتِّبِعُوا صِرَاطي أنَّه مُسْتَقيم «.
واعترض عليه أبُو حيَّان بعد السُّؤال الأوّل وجوابه، وهو:» فإن قلت: «هلَاّ قُلْت هي النَّاصِبَة» إلى: و «وبِعْهْد الله أوْفُوا» فقال: لا يَتَعَيِّنُ أن تكُون جِمِيع الأوَامِر معطُوفَة على ما دخل عليه «لا» لأنَّا بيَّنَّا جواز عَطْفِ «وبالوَالِدَيْن إحْساناً» على «تَعَالَوْا» وما بَعْدَه معطوف عليه، ولا يكون قوله «» وبالوَالِدَيْن إحْسَاناًط معطوفاً على «ألا تُشْرِكُوا» .
الرابع: أن تكون «أنْ» النَّاصِبة وما في حَيِّزها مَنْصُوبة على الإغْرَاء بأ «عَلَيْكُم» ، ويكون الكلامُ الأوَّل قد تمَّ عند قوله: «رَبُّكُم» ، ثم ابْتَدأ فقال: عَلَيْكُم ألَاّ تُشْرِكوا، أي: