قال القرطبي: وتَارك الصَّلاة، ومَانِع الزَّكَاة، وقد قتل الصَّدِّيق مانع الزَّكَاة، وقال - تعالى - {فَإِذَا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ واحصروهم واقعدوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكاة فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ}[التوبة: ٥] .
قوله:«ولا تَقْتُلُوا» هذه شبيه بذكر الخاصِّ بعد العامِّ اعتناءً بِشَأنهِ؛ لأن الفَواحِش يَنْدَرج فيها قَتْل النَّفْس، فجرَّد منها هذا اسْتِفظَاعاً له وتَهْويلاً؛ ولأنَّه قد استَثْنَى منه في قوله:«إلَاّ بالحقِّ» ولو لم يَذْكر هذا الخَاصَّ، لم يَصِحَّ الاستِثْنَاء من عُمُوم الفَوَاحش، لو قيل في غَيْر القُرآن العظيم:«لا تَقْرَبُوا الفواحش إلا بالحقِّ» لم يكن شيئاً.
قوله:«ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ به» في الجُمْلَة الفِعْليَّة بعده.
والثاني: أنه في محلِّ نصب بفعل مُقدَّر من مَعْنَى الفِعْل المتأخر عنه، وتكون المَسْألة من باب الاشْتِغَال، والتقدير: ألزَمَكُم أو كَلَّفَكُم ذلك، ويكون «وصَّاكُمْ بِهِ» مفسِّراً لهذا العَامِل المقدَّر؛ كقوله - تعالى -: {والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}[الإنسان: ٣١] ونَاسَب قوله هنا: «لَعَلَّكُم تَعْقِلُون» لأن العقل مَنَاط التَّكْليف والوَصيَّة بهذه الأشْيَاء المَذْكُورة.