وقرأ أبُو جَعْفَرٍ والأعمشُ والزُّهْرِيُّ «مَذُوْماً» بواوٍ واحدةٍ من دون همز وهي تَحْتَمِلُ وجهين:
أحدهما - ولا ينبغي أن يُعْدَلَ عنه - أنَّهُ تَخْفِيف «مذؤوماً» في القراءةِ الشَّهيرةِ بأن أُلْقِيَتْ حَرَكَةُ الهَمْزَةِ على الذَّالِ السَّاكنة، وحُذِفَت الهَمْزَةُ على القاعدةِ المُشْتَهِرَةِ في تَخْفيفٍ مثله، فوزن الكلمة آل إلى «مَفُول» لحَذْفِ العَيْنِ.
والثاني: انَّ هذه القراءة مَأخُوذَةٌ من لغة مَنْ يَقُولُ: ذِمْتُه أذِيمُهَ كبِعْتُهُ أبيِعُهُ، وكان من حقِّ اسم المَفْعُولِ في هذه اللُّغَةِ مَذِيمٌ كمبيع قالوا: إلا أنَّهُ أبْدِلَتِ الواوُ من اليَاءِ على حدِّ قولهم «مَكثولٌ» في «مَكِيلٍ» مع أنَّهُ من الكيل ومثلُ هذه القراءةِ في احْتِمالِ الوجهين قول أمَيَّةَ بْنِ أبي الصَّلْتِ في البيت المُتقدِّمِ أنشده الواحِديُّ على لغةِ «ذَامَهُ» بالألف «يَذِيمُهُ» بالياء، ولَيْتَهُ جعله محتملاً للتَّخْفِيفِ من لُغَةِ الهَمْزِ.
وقال قتادةُ:«مَذْءُوماً مدحوراً أي: ليعناً شقيّاً» .
وقال الكَلْبِيُّ:«مَذموماً ملوماً مدحوراً مقصيّاً من الجنَّةِ ومن كُلِّ خَيْر» ] .
قوله:«لَمْن تبعكَ» في هذه «اللَاّام» وفي «من» وجهان:
أظهرهما: أنَّ اللَاّمَ هي المُوطِّئَةُ لقسم مَحْذُوفٍ، و «مَنْ» شَرْطِيَّةٌ في محلِّ رفع بالابتداء، و «لأملأنَّ» جواب القسم المَدْلُول عليه بلام التوْطِئَة، وجوابُ الشَّرْطِ محذوفٌ لِسَدِّ جواب القَسَم مَسَدَّه. وقد تقدَّم إيضاحُ ذلك مراراً.