فهذه تَدُلُّ على التَّلَبُّسِ بأوَّلِ الفِعْلِ، وحكمها حكم أفْعَالِ المُقاربَةِ من كون خبرها لا يكون غلَاّ مُضَارِعاً، ولا يجوز أن يقترن ب «أن» لمنافاتها لها؛ لأنها للشُّروع وهو حال و «أنْ» للاستقبال، وقد يقعُ الخبرُ جملة اسمية كقوله:[الوافر]
وشرطيَّة ك «إذا» كقوله عمر: «فَجَعلَ الرَّجُلُ إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً» .
ويقال طَفِقَ بفتح الفاء وكسرها، وطَبِقَ بالباء الموحدة أيضاً، والألف اسمها، و «يَخْصَفَان» خَبَرُهَا.
وقرأ أبُوا السمالِ:«وطَفَقَا» بفتح الفاء. وقرأ الزُّهْرِيُّ:«يُخْصِفَانِ» بضم حرف المضارعة من أخْصَفَ وهي تحتمل وجهين:
أحدهما: ان يكون أفْعَلَ بمعنى فَعَلَ.
والثاني: أن تكون الهَمْزَةُ للتَّعْديَة، والمَفْعُولُ على هذا مَحْذُوفُ، أي: يُخْصِفَانِ أنفسهما، أي: يَجْعلانِ أنفسَهُمَا خاصِفَيْنِ.
وقرأ الحسنُ، والأعرجُ ومُجاهِدٌ وابْنُ وثَّابٍ «يَخِصِّفانِ» بفتح الياء وكسر الخاء، والصَّاد مشدودةٌ، والأصْلُ يَخْصِفَانِ، فأدغمت التَّاءُ في الصَّادِ، ثم اتْبعت الخَاءُ للصَّادِ في حركتها، وسيأتي نظيرُ هذه القراءة في «يُونس» و «يس» نحو {يهدي}[يونس: ٣٥] و {يَخِصِّمُونَ}[يس: ٤٩] .
وروى مَحْبُوبٌ عن الحسنِ كذلك إلَاّ أنَّهُ فتح الخاء، فلم يُتْبِعْها للصَّادِ وهي قراءةُ يعقوب وابْنِ بُرَيْدَةَ.
وقرأ عبد الله «يُخُصِّفان» بضمِّ الياءِ والخَاءِ وكسر الصَّادِ مشدودة وهي من «خَصِّفَ» بالتَّشديد، إلَاّ أنَّهُ أتبع الخاء للياء قبلها في الحركةِ، وهي قراءة عَسِرةُ النُّطْقِ.
ويَدُلُّ عل أنَّ أصْلها مِنْ خَصَّفَ بالتَّشديدِ قِراءةُ بعضهم «يُخَصِّفان» كذلك، إلَاّ أنَّهُ بفتح الخاء على أصلها.