للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فعرضت له شجرةٌ من شجر الجنَّةِ فحبسته بشَعْرِهِ فقال لها أرسِلِيني؛ قالت: لَسْتُ بِمُرْسِلَتكَ، فَنَادَاهُ ربُّهُ: يا آدمُ أين تَفِرُّ قال: لا يَا رَب، ولكني استحييتك»

وفي الآية دليل على أنَّ كَشْفَ العَوْرَةِ قبيحٌ من لدن آدم، ألا تَرَى أنَّهُُما كيف بادرا إلى السَّتْرِ، لما تقرَّر في عقلهما من قُبْحِ كَشْفِ العورة.

قوله: «عليهما» قال أبُو حيَّان: الأَوْلى أن يعود الضَّمِيرُ في «عليهما» على عَوْرَتَيْهِمَا، كَأنَّهُ قيل: يَخْصِفَانِ على سَوءأتيهما، وعاد بضمير الاثنين؛ لأنَّ الجمع يُرَادُ بن اثنان.

ولا يَجُوزُ أن يعود الضَّميرُ على آدَمَ وحوَّاءَ؛ لأنَّهُ تَقرَّرَ في علم العربيَّةِ أنَّهُ لا يتعدَّى من فعل الظَّاهِر والمُضْمَرِ المتَّصل إلى الضمير المتصل إلى الضمير المتصل المنصوب لفظاً أو مَحَلاًّ في غير باب «ظَنّ» ، و «قَعَدَ» و «عَدمَ» ، و «وَجَد» لا يجُوزُ زيد ضربه، ولا ضَرَبَهُ زيد، ولا زَيْدٌ مَرَّ به، ولا مَرَّ به زيدٌ، فلو جعلنا الضَّمِيرَس في «عَلَيْهِمَا» عائداً على آدم وحوَّاءَ لَلَزِمَ من ذلك تعدِّي يَخْصِفُ إلى الضَّميرِ المنصوب مَحَلاًّ، وقد رفع الضَّمير المتَّصِل، وهو الألف في «يَخْصِفَانِ» ، فإن أخِذَ ذلك على حَذْفِ مُضافٍ مراد؛ جَازَ ذلك، تقديره: يَخْصِفانِ على بَدَنَيْهِمَا.

قال شهابُ الدِّين: ومثل ذلك فيما ذكر {وهزى إِلَيْكِ} [مريم: ٢٥] . {واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} [القصص: ٣٢] .

وقول الشاعر: [المتقارب]

٢٤٤٢ - هَوِّنُ عليْكَ فإنَّ الأمُورَ ... بِكَفِّ الإلهِ مَقَادِيرُهَا

وقوله: [الطويل]

٢٤٤٣ - دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَرَاتِهِ ... ولكِنَ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ

قوله: «مِنْ وَرَقِ» يحتملُ وَجْهَيْنِ:

أن تكون «مِن» لابتداء الغايةِ وأن تكون للتَّبعيضِ.؟

و «نَادَاهُمَا رَبُّهُمَا» لم يصرِّحْ هنا باسم المنادى للعلم به.

وقوله: «أَلَمْ أنْهَكُمَا» يجوزُ أن تكون هذه الجُمْلَةُ التقديريَّةُ مفسِّدة للنداء لا محلّ لها

<<  <  ج: ص:  >  >>