وهو أنَّهُ ليس من بابِ العَطْفِ على الضَّمير لمانع ذُكِرَ ثَمَّ.
و «قبيلُه» المشهور قراءته بالرَّفْعِ نسقاً على الضَّميرِ المُسْتَتِر، ويجوز أن يكون نَسَقاً على اسم «إنَّ» على الموضع عند مَنْ يجيز ذلك، ولا سِيَّمَا عند مَنْ يَقُولُ: يجوزُ ذلك بعد الخَبَر بإجْمَاع.
ويجوز أنْ يكون مُبْتَدأ محذوفَ الخبر فتحصَّل في رفعه ثلاثةُ أوجهٍ.
وقرأ اليزِيدِيُّ «وقبيلَه» نصباً، وفيها تخريجان.
أحدهما: أنَّهُ منصوبٌ نَسَقاً على اسم «إنّ» لفظاً إن قلنا: إنَّ الضَّميرَ عائد على «الشّيْطَان» ، وهو الظَّاهِرُ.
والثاني: أنَّهُ مفعولٌ معه أي: يَرَاكم مُصَاحباً لقبيله.
والضَّميرُ في «إنَّهُ» فيه وجهان:
الظَّاهر منهما كما تقدَّم أنه للشَّيطان.
والثاني: إن يكون ضمير الشَّأن، وبه قال الزَّمَخْشَرِيُّ، ولا حاجة تدعو إلى ذلك.
والقَبِيلُ: الجَمَاعَةُ يكونُونَ من ثلاثةٍ فصاعداً من جماعة شتَّى، قاله أبو عبيد وجمعه قبل، والقبيلةُ: الجماعة من أبٍ واحد، فليست القبيلةُ تَأنِيثُ القَبيلِ لهذه المُغَايَرَةِ.
وقال ابْنُ قُتَيْبة: قبيله: أصحابه وجنده، وقال: «وهو وقَبِيلُهُ» أي هو ومن خلق من قبله.
قال القُرْطُبِيُّ: قبيله: جُنَودُهَ.
وقال مُجَاهِدٌ: يعني الجنَّ والشَّيَاطِينَ.
وقال ابْنُ زَيْد: نسله، وقيل: خيله.
قوله: {مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} «مِنْ» لابتداء غاية الرؤية و «حَيْثُ» ظرف لمكان انتفاء الرُّؤيَةِ، و «لا تَرَوْنَهُم» في محلِّ خفض بإضافة الظَّرْفِ إليه، هذا هو الظَّاهِرُ في أعراب هذه الآية.
ونقل عن أبي إسْحَاقَ كلام مُشْكل، نذكره لئِلَاّ يتوهّم صِحَّتَهُ من رآه.