نَطوفُ بثيابٍ أصبنا فيها الذَّنوب، ومنهم من يقولُ: نفعلُ ذلك تفاؤلاً حتى نتعرى من الذُنُوب كما تعرّينا عن الثياب، وكانت المرأة منهم تتخذ ستراً تعلٌّه على حقويها لتستتر به عن الحُمْس وهم قريشٌ، فإنَّهُم كانُوا لا يَفْعَلُون ذلك، وكانوا يطوفون في ثيابهم، ولا يأكلون من الطعام إلَاّ قوتاً
قال الكَلْبِيُّ: كانت بَنُو عامر لا يأكُلُونَ في أيَّام حجِّهم من الطعام إلا قوتاً، ولا يأكلون دسماً، يعظِّمُون بذلك حجهم فقال المسلمون يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فنحن أحقُ أن نَفْعَلَ ذلك فنزلت هذه الآية.
و «كُلُوا» يعني: اللحم والدسم.
{واشربوا وَلَا تسرفوا} بتحريم ما أحلَّ الله لكم من اللحم والدسم.
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المسرفين} الذين يفعلون ذلك.
قال ابن عباس:«كُلْ ما شِئْتَ، والبَسْ ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة» .
قال عَلِيُّ بْنُ الحُسينِ بنِ واقدٍ: وقد جمع اللَّهُ الطبَّ كلَّه في نصف آية: {وكُلُواْ واشربوا وَلَا تسرفوا} .
والزينة لا تحصل إلا بالسّتر التام للعورات، ولذلك صار التزين بأخذ الثياب في الجمع والأعياد سُنَّة، فوجب حمل الزينة على ستر العورة.
وقد أجمع المُفسرون على أن المراد بالزِّينةِ هنا لبس الثياب التي تستر العورة، وقد أمر بها بقوله: خُذُو زينتَكُم «، والأمرُ للوجوبِ، فَثَبَتَ أنَّ أخذ الزِّينةِ واجب، وكل ما سوى اللبس فهو واجب، فوجب حمل الزِّنةِ على اللبس عملاً بالنَّصِّ بقدر الإمكان، فدلَّ على وُجُوبِ ستر العورة عند إقامة الصَّلاة.
فإن قيل: إنَّهُ عطف عليه قوله:» كُلُوا واشْرَبُوا «، وذلك أمر إباحة، فوجب أن يكون قوله:» خُذُوا زِينَتَكُم «أمر إباحة أيضاً والجواب لا يلزم من ترك الظَّاهر المعطوف تركه في