الاستقرار المقدَّرِ، و «يَوْمَ القيامةِ» معمول ل «خالصة» كما مرَّ الوجه قبله، والتقديرُ: قل الطيبات مستقرة أو كائنة للذين آمنوا في الحياة الدُّنيا، وهي خالصة لهم يوم القيامةِ، وإنْ كانوا في الدُّنيا يشاركهم الكفَّارُ فيها.
ولمّا ذكر أبُو حيَّان هذا الوجه لم يعلَّقُ «فِي الحياةِ» إلابالاستقرار، ولو علق ب «آمنوا» كما تقدم في الوَجْهِ قَبلَهُ لكان حسناً.
وأمَّا النصب فمن وجه واحد، وهو الحال [من الضَّمير المستتر في الجارِّ والمجرور قبله] ، والمعنى: أنَّها ثابة للَّذين آمنوا في حال كونها خالصة لهم يَوْمَ القيامةِ، و «للَّذينَ آمَنُوا» خبر «هِيَ» فتتعلق بالاستقرار المقدَّرِ، وسيأتي أنَّهُ متعلق باستقرار خاص في بعض التقادير عند بعضهم.
و {فِي الحياة الدنيا} على ما تقدَّم من تعلُّقه ب «آمنوا» وبالاستقرار المتعلق به للذين، و «يَوْمَ القيامةِ» متعلِّق أيضاً بخالصة، والتقديرُ: قل الطّيبات كائنة أو مستقرة للمؤمنين في الحياة حال كونهم مقدَّراً خلوصها لهم يَوْمَ القيامةِ.
وسمى الفراء نصبها على القطع، فقال:«خَالِصَةً» نصب على القَطْعِ، وجعل خبر «هِيَ» في «اللَاّم» التي في قوله: «للَّذين» ، ويعنى بالقطع الحال.
وجوَّز أبُو علي أنْ يتعلَّق {فِي الحياة الدنيا} بمحذوفِ على أنَّهُ حال، والعاملُ فيها ما يعمل في «الَّذينَ آمَنُوا» .
وجوَّز الفارسيُّ، وتبعه مكيٌّ أن تتعلَّق «فِي الحياةِ» ب «حرم» والتقديرُ: من حرم زينة الله في الحياة الدُّنْيَا؟ وجوَّز أيضاً أن تتعلق بالطّيبات.
وجوَّز الفارسي وحدَهُ أن تتعلَّق بالرزق ومنع مكيٌّ ذلك قال: لأنَّكَ قد فرَّقْتَ بينهما بقوله: {قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ} يعني أن الرِّزْقَ مصدر، فالمتعلّق به من تمامه كما هو من تمام الموصول، وقد فصلت بينه وبين معموله بجملة أجنبية، وسيأتي عن هذا جواب عن اعتراض اعتراض به على الأخْفَشِ.
وجوَّز الأخْفَشُ أن تتعلَّق «في الحياة» ب «أخرج» أي: أخرجها في الحياةِ الدُّنْيَا، وهذا قد ردهُ عليه النَّاس بأنه يلزم الفَصْلأُ بين أبعاض الصلة بأجنبي، وهو قوله {وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرزق} .
وقوله:{قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ} ، وذلك أنَّهُ لا يُعطَفُ على الموصول إلَاّ بعد تمام صلته، وهنا قد عطفت على موصوف الموصول قبل تمامِ صلته؛ لأنَّ «الَّتِي أخْرَجَ» صفة