التي تظهر عليه شكّ وشبهة في أنَّهَا حصلت بقدرة الله تبارك وتعالى، لا بِقُدرتِهِ، ولهذا السَّبب قال تبارك وتعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً} [الأنعام: ٩] .
وثالثها: ما يحصل من الألْفَةِ وسكونِ القلب إلى أبناء الجنس، بخلاف من لا يكون من الجنس، فإنَّهُ لا يحصل معه الألفة.
قوله: {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} .
قيل: الآياتُ: القرآنُ، وقيل: الدلائلُ، وقيل: الأحكام والشَّرائع.
والأَوْلى دخول الكلِّ فيه؛ لأنَّ الرُّسل إذا جاءُوا فلا بدّ يذكرون جميع هذه الأقسام.
قوله:» فَمَنْ «يحتمل أن يكون شرطية، وأنْ تكون موصولة، فإن كان الأوَّلُ؛ كانت هي وجوابها جواباً للشّرط الأوَّل كما تقدَّم، وهي مستقلة بالجوابِ دون التي تُفِيدُ جوابها وهي» والَّذِينَ كَذَّبُوا «، وإن كان الثاني كانت هي وجوابها، والجملة المشار غليها كلاهما جواباً للشَّرط، كأنَّهُ قسم جواب قوله:» إمَّا يأتينكُمْ «إلى متَّقٍ ومكذب، وجر كلاًّ منهما، وقد تقدَّم تحقيق هذا في البقرة.
وحذف مفعولي» اتَّقَى وأصْلَحَ «اختصاراً للعلم بهما أي: اتَّقَى ربه وأصلحِ عمله، أو اقتصاراً أي: فَمَنْ كان من أهل التَّقْوى والصَّلاح من غير نظر إلى مفعول، كقوله تعالى: {هُوَ أغنى وأقنى} [النجم: ٤٨] ولكن لا بدَّ من تقدير رابط بين هذه الجملة، وبين الجملة الشرطية، والتقدير: فمن منكم والذين كذَّبوا منكم.
وقرأ أبيٌّ والأعرج «تَأتينكُمْ» بتاء مثناة من فوق نظراً إلى معنى جماعة الرسل فيكون قوله تعالى «يَقُصُّون» بالياء من تحت حملاً على المعنى إذ لو حمل على اللفظ لقال: «تقُصُّ» بالتَّأنيث أيضاً.
مطلب: هل يلحق المؤمنين خوف يوم القيامة أو لا؟
المعنى: لا خوف عليهم بسبب الأحْوالِ المستقبلة {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} على ما فاتهم في الدُّنْيَا؛ لأنَّ حزنهم على عقاب الآخرة بما حصل لهم من زوال الخوف، فيكون كالمعادِ، وحمله على الفائدة الزائدة أولى.
واختلف العلماء في أنَّ المؤمنين من أهل الطَّاعات هل يلحقهم خوف أو حزن عند أهوال القيامة، فقال بعضهم: لا يلحقهم لهذه الآية الكريمة، ولقوله تعالى: {لَا يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر} [الأنبياء: ١٠٣] ، وذهب بعضهم إلى أنَّهُ يلحقهم ذلك الفزع الأكبر لقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى