للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

دركاتٍ النِّيرانِ، فلمَّا لم يحمد نفسه ألْبَتَّةَ إنَّما حمد الله - تعالى - فقط علمنا أن الهادي ليس إلا الله تعالى.

قوله: «لَقَدْ جَاءَتْ» جواب قسم مقدَّر، و «بالحَقِّ» يجوز أن تكون الياء للتعدية، ف «بالحق» مفعول معنى، ويجوز أن تكون للحال [أي:] جَاءُوا ملتبسين بالحقِّ، وهذا من قول أهلِّ الجنَّةِ حين رَأوْا ما وعدهم الرُّسُلُ عياناً، «ونُودُوا» هذا النداء يحتمل أن يكون من الله - تعالى -، وأن يكون من الملائكة.

قوله: «لَقَدْ جَاءَتْ» يجوز أنْ تكونَ المفسِّرة، فسَّرت النداء - وهو الظَّاهِرُ - بما بعدها، ويجوز أن تكون المخففة واسمها ضمير الأمر محذوفاً، فهي وما بعدها في محلّ نصب أوْ جرِّ؛ لأنَّ الأصل: «بِأنْ تِلْكُمُ» ، وأُشير إليها بإشارة البعيد؛ لأنَّهُم وُعِدُوا في الدُّنْيَا.

وعبارة بعضهم «هي إشَارَةٌ لغائب» مسامحة؛ لأنَّ الإشارة لا تكونُ إلا لحاضِرٍ، ولكنَّ العلماء تُطلق على البعيد غائاً مجازاً.

قوله: «أوْرِثْتُمُوها» يجوز أن تكون هذه الجملة حاليّة كقوله: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً} [النمل: ٥٢] .

ويجوز أن تكُون خبراً عن «تِلْكُم» ، ويجوز أن تكون «الجنّة» بدلاً أو عطف بيان و «أرِثْتُمُوها» الخبر.

ومنع أبُو البقاءِ أن تكون حالاً من تلكم للفصل بالخبر، ولأنَّ المبتدأ لا يعمل في الحال.

وأدغم أبُوا عَمْرو والأخوان الثّاء في التاء، وأظهرها الباقون.

و {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} تقدَّم [المائدة: ١٠٥] .

فصل في معنى «أورثتموها»

قال أهلُ المَعَانِي: معناه صارت إليكم كما يصيرُ الميراث إلى أهله، والإرث قد يستعمل في اللُّغَةِ ولا يرادُ به زوال الملك عن الميِّت إلى الحي، كما يقال: هذا الفعل يورثك الشَّرف ويورثك العار أي: يصيرك إليه.

ومنهم من يقول: إنَّهُم أعطوا تلك المنازلَ من غير تعب في الحال فصار شبيهاً بالميراث.

وقيل: إنَّ أهْلَ الجنَّة يرثون منازل أهل النَّارِ.

قال عليه الصَّلاة والسَّلامُ: «ليس من كافر ولا مؤمن إلا وله في الجنة والنَّار منزل،

<<  <  ج: ص:  >  >>