و «ما» مصدرية ويجوز أن تكون الكاف للتَّعليل، أي: تركناهم لأجل نسيانهم لقاء يومهم.
و «يَوْمِهِمْ» يجوز أن يكون المفعول متّسعاً فيه، فأضيف المصدر إليه كما يُضَافُ إلى المفعول به، ويجوزُ أن يكون المفعول محذوفاً، والإضافة إلى ظرف الحدثِ أي: لقاء العذاب في يومهم.
فصل في معنى «النسيان»
في تفسير هذا النسيان قولان:
الأول: هو التّركُ والمعنى نتركهم في عذابهم كما تركوا العمل للقاء يومهم، وهذا قول الحسنِ ومجاهدٍ والسُّدِّيِّ والأكثرين.
والثاني: أنَّ المعنى ننساهم أي: نعاملهم معاملة من نسي، نتركهم في النَّار كما فعلوا في الإعراض عن آياتنا. وبالجملة فسمَّى الله - تعالى - جزاءهم بالنّسيان كقوله تعالى:{وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] والمراد من هذا النسيان أنه «لَا يُجِيْبُ دعاءَهُم ولا يَرْحمُ ضَعْفَهُمْ وذُلَّهُمْ» .
قوله:«وَمَا كَانُوا»«ما» مصدرية نسقاً على أختها المجرورة بالكاف أي: وكانوا بآياتنا يجحدون.
وفي الآية لطيف عجيبة وهي أنَّهُ - تعالى - وصفهم بكونهم كافرين ثم بيَّن من حالهم أنَّهم اتخذوا دينهم لهواً أولاً ثم لعباً ثانياً، ثم غرتهم الحياة الدُّنيا ثالثاً، ثم صار عاقبة هذه الأحوال أنَّهُم جحدوا بآيات الله، وذلك يدل أنَّ حب الدُّنْيَا مبتدأ كل آفة كما قال عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ:«حُبُّ الدُّنْيَا رَأسُ كُلِّ خَطِيْئَةٍ» ، وقد يؤدي حبُّ الدُّنْيَا إلى الكُفْرِ والضَّلالِ.