وأمَّا نَصْبُها فإنَّها في قراءة نَافِعٍ، ومن معه وابن عامر منصوبة على الحال من «الرِّياح» أو «الرِّيح» حسب ما تقدَّم من الخلاف وكذلك هي في قراءة عَاصِمٍ، وما يشبهها.
وأمَّا في قراءة الأخوين، ومسروق فيحتمل المصدريَّة، أو الحاليَّة، وكلُّ هذا واضح، وكذلك قراءة «بُشْرَى» بزنة رجعى ولا بدَّ من التَّعرُّض لشيء آخر، وهو أنَّ من قرأ «الرِّياح» بالجمع وقرأ «نُشْراً» جمعاً كنافع، وأبي عمرو فواضح.
وأما من أفرد «الرِّيح» وجمع «نُشْراً» كابن كثير، فإنَّهُ يجعل الرِّيح اسم جنس، فهي جمع في المَعْنَى، فوصفها بالجمع كقول عنترة:[الكامل]
والحاليَّةُ في بعض الصُّوَرِ يجوز أن تكون من فاعل «يُرْسلُ» ، أو مفعوله وكلُّ هذا يُعْرف مما تقدم.
فصل
روى أبو هريرة قال: أخذتِ النَّاس ريحٌ بطريق مكَّةَ، وعمر حاجٌّ فاشتدت، فقال عُمَرُ، لمن حوله: ما بلغكم في الرِّيح فلم يرجعوا إليه شيئاً، فبلغني الذي سأل عمر عنه من أمر الريح، فاستحثثتُ راحلتي حتى أدْرَكْتُ عمر، فكنت في مُؤخَّر النَّاس، فقلتُ: يا أمير المؤمنين: أخبرتُ أنَّكَ سألت عن الرِّيحِ، إنِّي سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقولُ: الرِّيحُ من روح الله، تأتِي بالرَّحْمَةِ وتَأتِي بالعذابِ، فلا تَسبُّوهَا، وسلُوا الله من خَيْرِهَا، وتعوَّذُوا به من شرِّها.
فصل في ماهية الريح.
قال ابن الخطيب - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الرِّيحُ: هواء متحرك، وكونه متحرِّكاً ليس لذاته، ولا للوازم ذاته، وإلا لدامت الحركة بدوام ذاته، فلا بدَّ وأن يكون بتحريك الفاعل المختار وهو الله تعالى.